الاثنين، 26 أبريل 2021

عاقبة التفريط

 عاقبة التفريط

إذا قمتم من المجلس فادخلوا دار الخلوة ساعة، وشاوروا نصيح الفكر، وحاسبوا شريك الخيانة، وتلمموا تفريط الكسل في بضاعة العمر، تأسفوا على كل ذنب كان، أو حظ من الله فات.
البدار البدار نحو البقية، فيلقى المفرط ما ضاع، وليحذر الأعور الحجر، لا تحتقر يسير الخير، فالذود إلى الذود إبل، ضلت قلوبكم في بوادي الهوى، فقوموا على أقدام الطلب، وألقوا أزمة السير إلى حادي الأسف و (تحسسوا من يوسف وأخيه) .
جد في نشدان ضالتك ولا تيأس من روح الله، فكم شفي من أشفى على الهلاك.
عرجوا بالرفاق نحو الركب ... وقفوا وقفة لأنشد قلبي
وخذوا لي من النقيب لماظا ... أو ردوا بي إلى العذيب وحسبي
فهبوب الرياح من أرض نجد ... قوت قلبي وحبذا من مهب
يا نسيم الصبا ترنم على الدوح بصوت يشجي وإن طار لبي
من معيد أيامنا بلوى الجزع وهيهات أين مني صحبي
واعجبا!! ما انظر الأجساد، لكن فقد نظر القلوب، إذا لم يحركك الربيع وأزهاره، والسماع وأوتاره، فمن أنت؟ ويحك: نوح الحمام غزل، لو كان في قلبك محبة فابك بكاء " الجنيد " لعلك تقع بسر " سري " بع مال الهوى فيمن يزيد، إن شئت لحقا " أبي زيد ".
كم دعتك فرصة لو كنت أجبتها، إن جناب الحق لفسيح، غير أن الجهل مطرود.
ويحك: قد لاحت نار الهدى من زناد المواعظ، فقم على أقدام الجد لعلك تجد على النار هدى
سر في السر على أقدام العزيمة، وليكن همك الظفر لا الغنيمة، فالعز لا يناله جبان، وإن أكتب الأقلام الأسنة.
انتبه من رقاد الغفلة، فقد طلع ضوء الشيب، وأسرع في سير الجد فقد رحلت الرفقة، وصوت في أودية الأسحار لعلها ترحمك الساقة، وتلمح آثار السالكين لعلك تقع على الجادة، فإذا لحقت أعراض الركب فقف نفسك على خدمة الإبل، فربما دخلت خيمة من أحببت.
فقلت دعوني واتباعي ركابكم ... أكن طوع أيديكم كما يفعل العبد
وما بال زعمي لا يهون عليهم ... وقد علموا أن ليس لي منهم بد
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين تم الكتاب بحمد الله وحسن توفيقه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

التفكير في الرحيل

 التفكير في الرحيل

من تفكر في قرب رحيله تشاغل بالتزود، ولبئس ما صنع بائع نفسه النفسية بالأعراض الخسيسة.
إن الروح في ذاته جوهر لا يتجزأ أو لا يموت، وقدره جوهر لا قيمة له، وإنما آلات البدن خادمة له تعين على السفر له في زجاجة القلب.
نار كالسراج، الحياة ضؤوها، والدم دهنها، والحركة نورها، والشهوة حرارتها، والغضب دخانها، وقد اتخذ من مقدم الدماغ حارسا، ومن وسطه وزيرا، ومن مؤخره حافظا، وجعل العقل استاذا، والحس تلميذا، وفرق الأعضاء في خدمته رجالا وركبانا، وجعل الدنيا له ميدانا يجول فيه في صف حربه لمحاربة أعدائه، فإن غلب، قهر كسرى، وإن غلب فلا أحد.
لما تيقظ تيقظ الأولياء لهذا السفر، خاضوا في ظلمات الطبع يقطعونها بأقدام المجاهدة، فلاح لهم نور الغيب (كلما أضاء لهم مشوا فيه) فإذا هم على باب الوصول، الفقر حليتهم، والليل لذتهم، والخشوع صفتهم.
طال حبسهم في الدنيا، فضجوا إلى الحبيب، فلو انتهبت بالليل سمعت أصوات أهل الحبوس.
يا وقوفا ما وقفنا ... في ظلال السلمات
نتشاكى ما عنانا ... بكلام العبرات
أطيار الأشجان في أقفاص الأسرار تصيح من وجدها في الأسحار، كلما هدلت حمائم الشجون هطلت عمائم العيون، فإذا كان حين تتوفاهم الملائكة فتح القفص عن روح تطلب الروح، فتتحير لقرعة (من راق) فيهتف به هاتف الوداد (ارجعي إلى ربك) فتنسى مرارة الكأس بحلاوة الخطاب، فتهون شدائد الموت.
فما لجرح إذا أرضاهم ألم يا بعيدا عنهم: أين أنت منهم؟ 
لا تحسبن الأمر سهلا، نيل سهيل أسهل، أتصقل سيفا 
ليس في سنحه جوهرية؟ أتحمل صعبا مسنا على الرياضة؟ وهل ينهض البازي بغير جناح.
من لم يهتز بيسير الإشارة، لم ينفعه كثير العبارة، أترى من نبل مواعظي مقرطس؟ بلى ربما وقعت نبلة في قلب حزينن ولم يدر الرامي.سهم أصاب وراميه بذي سلم

سر في السر على أقدام العزيمة، وليكن همك الظفر لا الغنيمة، فالعز لا يناله جبان، وإن أكتب الأقلام الأسنة.
انتبه من رقاد الغفلة، فقد طلع ضوء الشيب، وأسرع في سير الجد فقد رحلت الرفقة، وصوت في أودية الأسحار لعلها ترحمك الساقة، وتلمح آثار السالكين لعلك تقع على الجادة، فإذا لحقت أعراض الركب فقف نفسك على خدمة الإبل، فربما دخلت خيمة من أحببت.
فقلت دعوني واتباعي ركابكم ... أكن طوع أيديكم كما يفعل العبد
وما بال زعمي لا يهون عليهم ... وقد علموا أن ليس لي منهم بد
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين تم الكتاب بحمد الله وحسن توفيقه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين

طلب الجنه

 إخواني: عليكم بطلب الجنة، فإن النار وسط الكف، شهوات الدنيا مصائد تقطع عن الوصول، فإذا بطلت الشهوات بحلول الموت أحس الهالك بما لم يكن يدري، كما أن خوف المبارز يشغله عن ألم الجراح، فإذا عاد إلى المأمن زاد الألم، فإذا ماتوا انتبهوا.

كما شيعتم قريبا، ورميتموه سليبا، وتركتموه وأسمعكم من الوعظ عجيبا (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك) .
تالله إن الزاد لطيف، وإن المزاد لخفيف، مع أن الأمر جد، والخطب إد، إن الحازم لا يترك الحذر حتى يصل المأمن.
لما اعترض إبليس " لأحمد " قال: فتني، قال: لا بعد.
لا فرح بوصول الكوفة وما عبرت العقبة، الطمع مركب التلف، والحزم مطية النجع، والتواني أبو الفاقة، والبطالة أم الخسران، وما يحصل برد العيس إلا بحر التعب.
ما العز إلا تحت ثوب الكد
إخواني: ذهب والله في التفريط العمر، غفل الوصي فضيع مال الطفل، مصيبتنا في التفريط واحدة.
أجارتنا إنا غريبان ها هنا ... وكل غريب للغريب نسيب
رحل ركب المحبة في ظلام الدجى، فصبح القوم المنزل، ونحن على غير الطريق. واأسفا من قلة الأسف، واحزناه على عدم الحزن، قفوا على آثار السالكين فاندبوا المنقطع.
ليست بأطلالي ولكنها ... رسوم أحبابي فنوحوا معي
يا ساكنا بالبلد البلقع ... ويا ديار الظاعنين اسمعي
يا ديار الأحباب: أين سكانك؟ يا مرابع الأحباب: أين قطانك؟
ها إنها منازل تعودت ... مني إذا شارفتها التسليما
يا نفحة الشمال من تلقائها ... ردي علي ذاك النسيما
يا متخلفا ما جاء مع المعتذرين: رحل الركب في زمان رقادك، فإذا قمت من الكرى فأقم مأتم الندب، قف على الرسوم وابك على انقطاعك، لعلك تؤنس رفيق " تجدني ".
إذا جزت بالغور عرج يمينا ... فقد أخذ الشوق منا يمينا
وسلم على بانة الواديين ... فإن سمعت أوشكت أن تبينا
فصح في مغانيهم أين هم ... وهيهات أموا طريقا شطونا
ورو ثرى أرضهم بالدموع ... وخل الضلوع على ما طوينا
أراك يشوقك وادي الأراك ... أللدار تبكي أم للساكنينا
سقى الله مربعنا بالحمى ... وإن كان أورث داء دفينا