الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

بنو هاشم زينة الدنيا وفخر الاخرة .... خيار من خيار

بسم الله الرحمن الرحيم
بنو هاشم
"إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل. واصطفى قريشا من كنانة. واصطفى من قريش بني هاشم. واصطفاني من بني هاشم".‏
مقدمة :

روى الامام مسلم في صحيحه عن واثلة بن الأسقع يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل. واصطفى قريشا من كنانة. واصطفى من قريش بني هاشم. واصطفاني من بني هاشم".‏
وبنو هاشم فرع من قبيلة قريش التي خرج منها رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ، وهم بنص الأحاديث الصحيحة المتواترة من خيار أهل الدنيا والآخرة ، ولهم من المناقب ما ليس لغيرهم من شعوب الدنيا ، ولهم من المقامات العظمى في الآخرة ما فاقوا به الأولين والآخرين . ويتميز هذا الفرع من قبيلة قريش بصفات أخلاقية عالية فطرهم الله سبحانه وتعالى عليها في الكرم والجود والشهامة والفروسية والشجاعة والنجدة وخدمة الناس ونصرة الضعيف وإغاثة الملهوف ، وقد أشاد بهم الأعداء قبل الأصدقاء وتحفل سطور التاريخ بمآثرهم وأياديهم البيضاء .
وقد أورد الامام إبن تيمية في العقيدة الواسطية عن ما يجب في صحيح المعتقد ومن أصول أهل السنة والجماعة : ويحبون أهل بيت رسول الله ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم: (أذكركم الله في أهل بيتي، وقال أيضاً للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال: (والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي) وقال: (إن الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم)
ونقدم للقارئ الكريم هذه الصفحات القليلة والتي لا تفي للحديث عن هذه العائلة الكريمة الجليلة التي إختارها الله سبحانه وتعالى ليخرج منها أعظم خلق الله سبحانه وتعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

من هو هاشم بن عبد مناف بن قصي :

ينتسب الهاشميون إلى جدهم هاشم بن عبد مناف بن قصي ، ويقال أن قصى هو قريش الذي جمع القبائل واستعاد ولاية الكعبة من قبيلة خزاعة وأرجعها لقبيلة قريش بعد ثلاثمائة عام من سيطرتهم عليها ، وسمي قصي لأنه كان يعيش في قضاعة مع أمه فاطمة ، وعاد إلى مكة مع إخوته لأمه وأقصى خزاعة من سيادة البيت الحرام ، ووزع قصي على أولاده مهام سدانة الكعبة المشرفة وسقاية الحجاج وإطعامهم وغيرها من مسئوليات البيت الحرام . وهاشم هو الجد المباشر لعبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلى الله عليه وسلم . وهذه بعض المعلومات الهامة عنه .
( 1 )اسمه الحقيقي هو عمرو بن عبد مناف بن قصي
( 2 ) ولد هاشم قبل 74 عاما من مولد النبي صلى الله عليه وسلم وتوفي قبل 49 عاما من مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومات وهو شاب صغير عمره خمسة وعشرين عاما .
( 3 ) لقبه ( هاشم ) لأن قريشا أصابتهم مجاعة وفقر ، فخرج هاشم إلى الشام فاشترى خبزا كثيرا حمله على الإبل إلى مكة، وهشم ذلك الخبز، يعني كسره وثرده، ونحر تلك الإبل، ثم أمر الطباخين فطبخوا، فأشبع كل أهل مكة ؛ فسمي بذلك هاشما.
( 4 ) أمه إسمها عاتكة بنت مرة بن هلال
( 5 ) كان هاشم مسئولا في مكة عن رفادة الحجاج ( إطعامهم ) ومسئولا عن السقاية
وتزوج هاشم سلمى بنت عمرو الخزرجية فولدت له عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم .
( 6 ) وكان هاشم غنيا موسرا سخيا وكان إذا جاء موسم الحج خطب في قريش فقال : ( يا معشر قريش ، إنكم جيران الله وأهل بيته ، وإنه يأتيكم في هذا الموسم زوار الله وحجاج بيته ، وهم ضيف الله ، وأحق الضيف بالكرامة ضيف الله ، فاجمعوا لهم ما تصنعون لهم به طعاما أيامهم هذه التي لا بد لهم من الإقامة بها ، فإنه والله لو كان مالي يسع لذلك ما كلفتكموه ) . فيخرج أهل قريش لذلك خرجا من أموالهم ، كل امرئ بقدر ما يستطيع ، فيصنع به هاشم طعاما للحجاج حتى يخرجوا من مكة المكرمة .
( 7 ) وحفر هاشم بن عبد مناف بئرا للناس ليشربوا منها ، وهي البئر التي عند المستنذرقرب خطم الخندمة على فم شعب أبي طالب . وكانت زمزم في ذلك الوقت غير معروفة ، وزعموا أنه قال حين حفرها : لأجعلنها بلاغا للناس .
قال ابن هشام :وقال الشاعر :
سقى الله أمواها عرفت مكانها * جرابا وملكوما وبذر والغمرا
( 8 ) إستطاع هاشم أن يعقد حلفا مع قيصر لضمان أمن وسلامة تجارة قريش مع الشام‏
( 9 ) وهاشم بن عبد مناف له ثلاثة إخوان هم : عبد شمس والمطلب وثالثهم أخوه غير الشقيق نوفل
( 10 ) وكان هاشم أول من سن الرحلتين لقريش : رحلتي الشتاء والصيف ، ووصل في سفراته التجارية حتى أنقرا ، وكان أول من أطعم الثريد ( فتة اللحم ) للحجاج بمكة
( 11 ) تزوج هاشم بن عبد مناف خمس نساء من قبائل بني النجار والخزرج وقضاعة وخزاعة وبني مازن وأنجب منهن أربعة أولاد وخمس بنات
( 12 ) توفى هاشم بن عبد مناف في إحدى سفراته التجارية للشام ، بغزة في فلسطين ودفن فيها ، وأصبحت غزة تسمى بغزة هاشم نسبة إلى دفنه فيها ، وكان هاشم أول من توفى من إخوانه ، ثم توفى أخوه عبد شمس ودفن بمكة ، وتوفى أخوه المطلب ودفن باليمن وأخيرا توفى أخوه نوفل ودفن بالعراق

أولاد هاشم بن عبد مناف :

تزوج هاشم بن عبد مناف خمس نساء من قبائل مختلفة ، من بني النجار والخزرج وقضاعة وخزاعة وبني مازن وأنجب منهن أربعة أولاد وخمس بنات هم :
( 1 ) عبدالمطلب بن هاشم ( وهو جد النبي صلى الله عليه وسلم )
( 2 ) أسد بن هاشم
( 3 ) أبو صيفي بن هاشم
( 4 ) نضلة بن هاشم
( 5 ) الشفاء بنت هاشم
( 6 ) خالدة بنت هاشم
( 7 ) ضعيفة بنت هاشم
( 8 ) رقية بنت هاشم
( 9 ) حية بنت هاشم
وأم عبدالمطلب ورقية : سلمى بنت عمرو من بني النجار من المدينة المنورة ، وأم أسد : قيلة بنت عامر بن مالك الخزاعي . وأم أبي صيفي وحية : هند بنت عمرو بن ثعلبة الخزرجية . وأم نضلة والشفاء امرأة من قضاعة ، وأم خالدة وضعيفة : واقدة بنت أبي عدي المازنية

أولاد عبد المطلب بن هاشم :

عبد المطلب بن هاشم هو جد النبي صلى الله عليه وسلم ، وإسمه الحقيقي ( شيبة الحمد ) وكانت أمه من المدينة ، وعندما مات والده هاشم ، ذهب عمه المطلب إلى المدينة وقال لأمه لن أترك هذا الفتى يعيش في المدينة غريبا وأهله سادة مكة ، وأحضره معه من المدينة ، وأردفه معه على دابته فلما دخل به مكة قال الناس ، إشترى المطلب عبدا من المدينة ، فسار عليه إسم عبد المطلب ، فقال لهم : ويحكم هذا إبن أخي هاشم . وأصبح عبد المطلب بعدما بلغ مبلغ الرجال سيد مكة وزعيم قريش وفي زمنه ولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان جده عبد المطلب أول من كفله من بني هاشم لوفاة والده صلى الله عليه وسلم وهو في بطن والدته السيدة آمنة بنت وهب الزهرية ، وشهد عهد عبد المطلب نجاة الكعبة المشرفة من الهدم على يد أبرهة الحبشي والذي قصفه الله سبحانه وتعالى بالطير الأبابيل . وكان عبد المطلب جوادا كريما يطعم الحجاج في مكة ويسقيهم .
تزوج عبد المطلب خمس نساء وهن
( 1 ) تزوج نتيلة بنت جناب فولدت له العباس وضرار
( 2 ) وتزوج هالة بنت وهيب فانجبت له حمزة والمقوم وحجل وصفية،
( 3 ) وتزوج فاطمة بنت عمرو فأنجبت له عبدالله والد النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي طالب ، والزبير ، وأم حكيم البيضاء ، وعاتكة ، وأميمة ، وأروى ، و برة .
( 4 ) وتزوج سمراء بنت جندب فانجبت له الحارث بن عبدالمطلب .
( 5 ) وتزوج لبنى بنت هاجر فولدت له عبد العزى ( أبو لهب ) ‏

شرف بني هاشم وأفضالهم ومناقبهم :

( 1 ) منهم سيد البشرية وغرة جبين الانسانية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وكفى بها مفخرة ، وحسبها من شرف ، ولا يدانيها فضل من الأفضال .
( 2 ) إصطفاهم الله زبدة من خلاصة أكارم البشرية ، حيث اصطفى العرب من العجم واصطفى كنانة من العرب ، واصطفى قريش من كنانة واصطفى عائلة بني هاشم من بين بطون قريش كما اصطفى النبي صلعم من بين أفراد بني هاشم ، وفي صحيح مسلم عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم). وقال الامام القرطبي في تفسيره : يقتضي مدحا لنسب النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من صميم العرب وخالصه
( 3 ) خصهم الله سبحانه وتعالى بالنبوة الشاملة للعالمين ، وفي ديارهم ولد سيدنا محمد أفضل خلق الله تعالى
( 4 ) كفلوا النبي صلى الله عليه وسلم صغيرا ، ودافعوا عنه صلى الله عليه بعد بعثته الشريفة ، وروى الطبراني عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس فكان يرسل معه عمه أبو طالب كل يوم رجالا من بني هاشم يحرسونه
( 5 ) صبروا على البلاء والحصار الاقتصادي والاجتماعي والعداء لمدة ثلاث سنوات ، والذي فرضته عليهم قريش حتى يرفعوا حمايتهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ويسلمونه لقريش . وروى ابن كثير في سيرته (اجتمعوا وائتمروا بينهم – يعني قبيلة قريش - أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني هاشم ، و بني المطلب ، على أن لا يُنكحوا إليهم ولا يُنكحوهم ، ولا يبيعوهم شيئا ، ولا يبتاعوا منهم ؛ فلما اجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة ، ثم تعاهدوا وتواثقوا على ذلك ، ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيدا على أنفسهم )
( 6 ) قادوا وفد هجرة المسلمين إلى الحبشة وفاوضوا ملكها النجاشي حتى أسلم واسلم معه عدد من الأحباش و هاجروا للمدينة في السنة الثامنة من الهجرة ويقال أن عددهم إثنان وستين صحابيا ، وكان ذلك بقيادة جعفر بن أبي طالب وعمره واحد وعشرين عاما ، ولم يرجع جعفر إلى المدينة المنورة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا بعد سبع سنوات بعد فتح خيبر، لأمر يعلمه الله ورسوله .
( 7 ) قادوا معركة بدر الكبرى ضد قريش وخرج منهم أول ثلاثة متبارزين : حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب و عبيدة بن الحارث بن المطلب رضي الله عنهم ، واستشهد الأخير في هذه الغزوة
( 8 ) أصدر النبي صلى الله عليه وسلم أمرا عسكريا بعدم قتل بني هاشم الذين كانوا في معركة بدر في صف قبيلة قريش ، وروى إبن هشام في سيرته : أنه صلى الله عليه وسلم قال : إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها ، ولا حاجة لهم بقتالنا ، فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله ، ومن لقي أبا البَخْتَري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله ، فإنه إنما أخرج مستكرها . قال : فقال أبوحذيفة : أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخوتنا وعشيرتنا . ونترك العباس ، والله لئن لقيته لأُلْحِمنَّه السيف - قال ابن هشام : ويقال لأُلْجِمَنه السيف - قال : فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لعمر بن الخطاب : يا أبا حفص - قال عمر : والله إنه لأول يوم كنَّاني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي حفص - أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف ؟ فقال عمر : يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف ، فوالله لقد نافق ، فكان أبو حذيفة يقول : ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ ، ولا أزال منها خائفا ، إلا أن تكفرها عني الشهادة ، فقتل يوم اليمامة شهيدا .
( 9 ) حرم الله تعالى على بني هاشم أكل الصدقات لأنها أوساخ الناس ، وقال الشافعي وتحرم حتى على مواليهم . وقال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : قوله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصدقات -: (إِنَّما هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ) تنبيه على العلة في تحريمها على بني هاشم وبني المطلب، وأنها لكرامتهم وتنزيههم عن الأوساخ.
( 10 ) فرض الاسلام لبني هاشم خمس الغنائم ليعوض فقرائهم عن منعه إياهم من أكل الصدقات ، وعن مجاهد، قال: قد علم الله أن في بني هاشم الفقراء، فجعل لهم الخمس مكان الصدقة.‏ وألحق النبي صلى الله عليه وسلم بني المطلب ببني هاشم ، وقال: (إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد) وشبك بين أصابعه، أخرجه النسائي والبخاري.
( 11 ) تعرضهم للفتن والمحن : فقد روى الحاكم في مستدركه على البخاري ومسلم : أخبرني أبو بكر بن دارم الحافظ بالكوفة، حدثنا محمد بن عثمان بن سعيد القرشي، حدثنا يزيد بن محمد الثقفي، حدثنا حبان بن سدير، عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس، وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: أتينا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فخرج إلينا مستبشرا يعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيء إلا أخبرنا به، ولا سكتنا إلا ابتدأنا، حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلما رآهم التزمهم، وانهملت عيناه. فقلنا: يا رسول الله، ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه. فقال: (إنا أهل بيت، اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وأنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا وتشريدا في البلاد، حتى ترتفع رايات سود من المشرق، فيسألون الحق فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبوا على الثلج، فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما).‏
( 12 ) كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحى عنهم : روى الامام الشوكاني في نيل الأوطار عن الامام أحمد : عن علي بن الحسين عن أبي رافع "إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أو قرنين أو ملحين فإذا صلى وخطب الناس أتى باحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ثم بقول اللّهم هذا عن أمتي جميعا من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ ثم يؤتى بالأخر فيذبحه بنفسه ويقول هذا عن محمد وآل محمد فيطعمهما جميعا المساكين ويأكل هو وأهله منهما فمكثنا سنين ليس لرجل من بني هاشم يضحي قد كفاه اللّه المؤنة برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم والغرم".
( 13 ) سقاية بني هاشم للحجيج من زمزم في الجاهلية والاسلام : فقد روى الامام البخاري : عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى السقاية فاستسقى، فقال العباس: يا فضل، اذهب إلى أمك، فأت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب من عندها. فقال: (اسقني). قال: يا رسول الله، إنهم يجعلون أيديهم فيه. قال: (اسقني). فشرب منه، ثم أتى زمزم، وهم يسقون ويعملون فيها، فقال: (اعملوا، فإنكم على عمل صالح). ثم قال: (لولا أن تغلبوا لنزلت، حتى أضع الحبل على هذه). يعني: عاتقه، وأشار إلى عاتقه.
( 14 ) بغضهم كفر : وروى الحافظ الهيثمي عن الطبراني وقال رواته ثقات ، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بغض بني هاشم والأنصار كفر وبغض العرب نفاق".
وقال الامام المناوي إن بغض بني هاشم كفر صريح لقرابتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
( 15 ) تمييزهم في صلاة الجنازة : وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر على جنازة الميت من بني هاشم خمس تكبيرات ، فقد روى الطبراني : عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر على أهل بدر سبع تكبيرات وعلى بني هاشم خمس تكبيرات ثم كان آخر صلاته أربع تكبيرات حتى خرج من الدنيا
( 16 ) منبعهم ومصبهم النبي صلى الله عليه وسلم : روى الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد عن الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني هاشم : وأما أنتم بنو هاشم فأنتم مني وإلي أما أنتم يا معشر الأنصار فإنما أنا أخوكم" "وأما أنتم يا معشر المهاجرين فإنما أنا منكم".
( 17 ) إستشهاد نساؤهم : روى الحافظ الهيثمي عن الامام الطبراني بعد أن صحح رجاله عن إستشهاد السيدة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن عروة بن الزبير أن رجلاً أقبل بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحقه رجلان من قريش فقاتلاه حتى غلباه عليها، فدفعاها فوقعت على صخرة فأسقطت وهريقت دماً، فذهبوا بها إلى أبي سفيان، فجاءته نساء بني هاشم فدفعها إليهن، ثم جاءت بعد ذلك مهاجرة، فلم تزل وجعة حتى ماتت من ذلك الوجع، فكانوا يرون أنها شهيدة.
‏( 18 ) والمهدي المنتظر من بني هاشم : فقد أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجل مني أو من أهل بيتي، وفي لفظ، لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا". وأخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي". وأخرج أبو داود وابن ماجة والطبراني والحاكم عن أم سلمة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة".
( 19 ) منهم ( المنذر والهادي ) : وفي تفسير الامام الطبري وتفسير الدر المنثورللسيوطي ، أخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة، والديلمي وابن عساكر وابن النجار قال: لما نزلت {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال "أنا المنذر، وأومأ بيده إلى منكب علي - رضي الله عنه - فقال: أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي". وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المنذر أنا والهادي علي بن أبي طالب رضي الله عنه".
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط، والحاكم وصححه وابن مردويه وابن عساكر، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر، وأنا الهادي. وفي لفظ، الهادي: رجل من بني هاشم. يعني نفسه.‏
( 20 ) أول من دعاهم الله سبحانه وتعالى للإيمان : عندما نزلت الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم فأجلسهم على الباب وجمع نساءه وأهله فأجلسهم في البيت ثم اطلع عليهم فقال: "يا بني هاشم اشتروا أنفسكم من النار وأوسعوا في فكاك رقابكم وافتكوا أنفسكم من الله عز وجل فإني لا أملك لكم من الله شيئاً" . وروى الحاكم في مستدركه وصححه على شرط مسلم ، عن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: يا بني عبد المطلب، إني سألت الله لكم ثلاثا: أن يثبت قائمكم، وأن يهدي ضالكم، وأن يعلم جاهلكم، وسألت الله أن يجعلكم جوداء، نجداء، رحماء، فلو أن رجلا صفن بين الركن والمقام، فصلى، وصام، ثم لقي الله وهو مبغض لأهل بيت محمد دخل النار.
( 21 ) دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : فقد روى الحافظ الهيثمي في كتاب مناقب وفضائل أهل البيت حديث النبي صلى الله عليه وسلم : يا بني هاشم إني قد سألت الله لكم أن يجعلكم نجباء رحماء وسألته أن يهدي ضالكم ويؤمن خائفكم ويشبع جائعكم".
( 22 ) أول من يدخل الجنة : وروى المتقي الهندي في كنز العمال حديث الخطيب عن نعيم عن أنس عن النبي صلى اللله عليه وسلم : لو أني أخذت بحلقة باب الجنة ما بدأت إلا بكم يا بني هاشم.
( 23 ) تعظيم مقام بني هاشم : روى الطبراني والخطيب البغدادي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم : يقوم الرجل من مجلسه لأخيه إلا بني هاشم؛ لا يقومون لأحد.
( 24 ) من مناقب بني هاشم أنهم كانوا أفصح العرب ، وكيف لا ومنهم النبي صلى الله عليه وسلم سيد الفصحاء ، وعلي بن أبي طالب صاحب نهج البلاغة ، وغيرهم .
( 25 ) وكانوا يستسقون بهم : فقد روى الامام البخاري عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب: كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيسقون.
من عظماء بني هاشم :

( 1 ) حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه
قال الامام إبن حجر العسقلاني في كتابه الاصابة في تمييز الصحابة : حمزة بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، أبو عمارة عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخوه من الرضاعة أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب كما ثبت في الصحيحين وقريبه من أمه أيضا لأن أم حمزة هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة بنت عم آمنة بنت وهب بن عبد مناف أم النبي صلى الله عليه وسلم ولد قبل النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وقيل بأربع وأسلم في السنة الثانية من البعثة ولازم نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكر بن إسحاق قصة إسلامه مطولة وآخى بينه وبين زيد بن حارثة وشهد بدرا وأبلى في ذلك وقتل شيبة بن ربيعة وشارك في قتل عتبة بن ربيعة أو بالعكس وقتل طعيمة بن عدي وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء وأرسله في سرية فكان ذلك أول لواء عقد في الإسلام في قول المدائني واستشهد بأحد وقصة قتل وحشي له أخرجها البخاري من حديث وحشي وكان ذلك في النصف من شوال سنة ثلاث من الهجرة فعاش دون الستين ولقبه النبي صلى الله عليه وسلم أسد الله وسماه سيد الشهداء ويقال إنه قتل بأحد قبل أن يقتل أكثر من ثلاثين نفسا وروى البخاري عن جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في قبر الحديث وفيه ودفن حمزة و عبدالله بن جحش في قبر واحد وروينا في الغيلانيات من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد وقد مثل به فجعل ينظر إليه منظرا ما كان أوجع قلبه منه فقال رحمك الله أي عم لقد كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات وفي الغيلانيات أيضا من رواية عمر بن شبة عن سري بن عياض بن منقذ حدثني جدي منقذ بن سلمى بن مالك عن جده لأمه أبي مرثد عن خليفة عن حمزة بن عبدالمطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الزموا هذا الدعاء اللهم إني أسألك باسمك الأعظم ورضوانك الأكبر الحديث ورثاه كعب بن مالك بأبيات منها
بكت عيني وحق لها بكاها * وما يغني البكاء ولا العويل
على أسد الإله غداة قالوا * لحمزة ذاكم الرجل القتيل
وفي فوائد أبي الطاهر من طريق حمزة بن زيد عن أبي الزبير عن جابر قال استصرخنا على قتلانا بأحد يوم حفر معاوية العين فوجدناهم رطابا ينثنون قال حماد وزاد محمد بن جرير بن حازم عن أيوب فأصاب المر رجل حمزة فطار منها الدم.‏

( 2 ) العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه
قال الامام إبن حجر العسقلاني في كتابه الاصابة في تمييز الصحابة : العباس بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الفضل أمه نتيلة بنت جناب بن كلب ولد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين وضاع وهو صغير فنذرت أمه إن وجدته أن تكسو البيت الحرير فوجدته فكست البيت الحرير فهي أول من كساه ذلك وكان إليه في الجاهلية السقاية والعمارة وحضر بيعة العقبة مع الأنصار قبل أن يسلم وشهد بدرا مع المشركين مكرها فأسر فافتدى نفسه وافتدى بن أخيه عقيل بن أبي طالب ورجع إلى مكة فيقال إنه أسلم وكتم قومه ذلك وصار يكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالأخبار ثم هاجر قبل الفتح بقليل وشهد الفتح وثبت يوم حنين وقال النبي صلى الله عليه وسلم من آذى العباس فقد آذاني فإنما عم الرجل صنو أبيه أخرجه الترمذي في قصة وقد حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بأحاديث روى عنه أولاده وعامر بن سعد والأحنف بن قيس وعبدالله بن الحارث وغيرهم وقال بن المسيب عن سعد كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل العباس فقال هذا العباس أجود قريش كفا وأوصلها وأخرجه النسائي وأخرج البغوي في ترجمة أبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب بسند له إلى الشعبي عن أبي هياج عن أبي سفيان بن الحارث عن أبيه قال كان العباس أعظم الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة يعترفون للعباس بفضله ويشاورونه ويأخذون رأيه ومات بالمدينة في رجب أو رمضان سنة اثنتين وثلاثين وكان طويلا جميلا أبيض.‏

( 3 ) جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه
قال الامام إبن حجر العسقلاني في كتابه الاصابة في تمييز الصحابة : جعفر بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي أبو عبدالله بن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأحد السابقين إلى الإسلام وأخو علي شقيقه. قال بن إسحاق أسلم بعد خمسة وعشرين رجلا وقيل بعد واحد وثلاثين قالوا: وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين معاذ بن جبل كان أبو هريرة يقول إنه أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم وفي البخاري عنه قال كان جعفر خير الناس للمساكين وقال خالد الحذاء عن عكرمة سمعت أبا هريرة يقول ما احتذى النعال ولا ركب المطايا ولا وطئ التراب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر بن أبي طالب رواه الترمذي والنسائي وإسناده صحيح وروى البغوي من طريق المقبري عن أبي هريرة قال كان جعفر يحب المساكين ويجلس إليهم ويخدمهم ويخدمونه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنيه أبا المساكين وقال له النبي صلى الله عليه وسلم أشبهت خلقي وخلقي رواه البخاري ومسلم من طريق حديث البراء. وفي المسند من حديث علي رفعه أعطيت رفقاء نجباء فذكره منهم وهاجر إلى الحبشة فأسلم النجاشي ومن تبعه على يديه وأقام جعفر عنده ثم هاجر منها إلى المدينة فقدم والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر وكل ذلك مشهور في المغازي بروايات متعددة صحيحة وروى البغوي وابن السكن من طريق محمد بن عبدالله بن عبيد بن عمير عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة قالت لما قدم جعفر وأصحابه استقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل ما بين عينيه وروى بن السكن من طريق مجالد عن الشعبي عن عبدالله بن جعفر قال ما سألت عليا فامتنع فقلت له بحق جعفر إلا أعطاني ، استشهد بمؤتة من أرض الشام مقبلا غير مدبر مجاهدا للروم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثمان ففي جمادى الأولى وكان أسن من علي بعشر سنين فاستوفى أربعين سنة وزاد عليها على الصحيح قال بن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه حدثني أبي الذي أرضعني وكان أحد بني مرة بن عوف قال والله لكأني أنظر إلى جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم تقدم فقاتل حتى قتل أخرجه أبو داود من هذا الوجه وقال بن إسحاق هو أول من عقر في الإسلام وروى الطبراني من حديث نافع عن بن عمر قال كنت معهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفرا فوجدنا فيما أقبل من جسمه بضعا وتسعين بين طعنة ورمية قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت جعفرا يطير في الجنة مع الملائكة روى ذلك الطبراني من حديث بن عباس وفي الطبراني أيضا من طريق سالم بن أبي الجعد قال أرى النبي صلى الله عليه وسلم جعفرا ملكا ذا جناحين مضرجين بالدماء وذلك لأنه قاتل حتى قطعت يداه وفي الصحيح عن بن عمر أنه كان إذا سلم على عبدالله بن جعفر قال السلام عليك يا بن ذي الجناحين وروى الدارقطني في الغرائب لمالك بإسناد ضعيف عن مالك عن نافع عن بن عمر قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه إلى السماء فقال وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فقال الناس يا رسول الله ما كنت تصنع هذا قال مر بي جعفر بن أبي طالب في ملإ من الملائكة فسلم علي وفي الجزء الرابع من فوائد أبي سهل بن زياد القطان من طريق سعدان بن الوليد عن عطاء عن ابن عباس بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عميس قريبة منه إذ قال يا أسماء هذا جعفر بن أبي طالب قد مر مع جبرائيل وميكائيل فردي عليه السلام الحديث وفيه فعوضه الله من يديه جناحين يطير بهما حيث شاء وقال بن إسحاق في المغازي حدثني عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت لما أتى وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزن وقال حسان بن ثابت لما بلغه قتل عبدالله بن رواحة يرثي أهل مؤتة من قصيدة
رأيت خيار المؤمنين تواردوا * شعوب وقد خلفت ممن يؤخر
فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا * بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر
وزيد وعبدالله حين تتابعوا * جميعا وأسباب المنية تخطر
ويقول فيها:
وكنا نرى في جعفر من محمد * وفاء وأمرا صارما حيث يؤمر
فلا زال في الإسلام من آل هاشم * دعائم عز لا تزول ومفخر‏

( 4 ) علي بن أبي طالب رضى الله عنه
قال الامام إبن حجر العسقلاني في كتابه الاصابة في تمييز الصحابة : علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبو الحسن أول الناس إسلاما في قول كثير من أهل العلم ولد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح فربى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفارقه وشهد معه المشاهد إلا غزوة تبوك فقال له بسبب تأخيره له بالمدينة ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى وزوجه بنته فاطمة وكان اللواء بيده في أكثر المشاهد ولما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه قال له أنت أخي ومناقبه كثيرة حتى قال الإمام أحمد لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي وقال غيره وكان سبب ذلك بغض بني أمية له فكان كل من كان عنده علم من شيء من مناقبه من الصحابة يثبته وكلما أرادوا إخماده وهددوا من حدث بمناقبه لا يزداد إلا انتشارا وقد ولد له الرافضة مناقب موضوعة هو غنى عنها وتتبع النسائي ما خص به من دون الصحابة فجمع من ذلك شيئا كثيرا بأسانيد أكثرها جياد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا وروى عنه من الصحابة ولداه الحسن والحسين وابن مسعود وأبو موسى وابن عباس وأبو رافع وابن عمر وأبو سعيد وصهيب وزيد بن أرقم وجرير وأبو أمامة وأبو جحيفة والبراء بن عازب وأبو الطفيل وآخرون ومن التابعين من المخضرمين أو من له رؤية عبدالله بن شداد بن الهاد وطارق بن شهاب و عبدالرحمن بن الحارث بن هشام وعبدالله بن الحارث بن نوفل ومسعود بن الحكم ومروان بن الحكم وآخرون ومن بقية التابعين عدد كثير من أجلهم أولاده محمد وعمر والعباس وكان قد اشتهر بالفروسية والشجاعة والإقدام حتى قال فيه أسيد بن أبي إياس بن زنيم الكناني قبل أن يسلم يحرض عليه قريشا ويعيرهم به
وقال عنه الامام السيوطي صاحب كتاب الخلفاء مايلي : (علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب وأسمه شيبة بن هاشم وأسمه عمرو بن عبد مناف وأسمه المغيرة بن قصي وأسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك ابن نضر بن كنانة أبو الحسن وأبو تراب كناه به النبي صلى الله عليه وسلم وامه فاطمة بنت أسد بن هاشم وهي أول هاشمية ولدت هاشميا قد أسلمت وهاجرت ، وعلي رضي الله عنه أحدالعشرة المشهود لهم بالجنة وأخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمؤاخاة وصهره على فاطمة سيدة نساء العالمين رضي الله عنها وأحد السابقين إلى الإسلام وأحد العلماء الربانيين والشجعان المشهورين والزهاد المذكورين والخطباء المعروفين وأحد من جمع القرآن وعرضه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعرض عليه أبو الأسود الدؤلي وابو عبد الرحمن السلمي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وهو أول خليفة من بني هاشم وأبو السبطين أسلم قديما بل قال ابن عباس وأنس وزيد بن أرقم وسلمان الفارسي وجماعة إنه أول من أسلم ونقل بعضهم الإجماع عليه وأخرج أبو يعلى عن علي رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وأسلمت يوم الثلاثاء وكان عمره حين أسلم عشر سنين وقيل تسع وقيل ثمان وقيل دون ذلك قال الحسن بن زيد بن الحسن ولم يعبد الأوثان قط لصغره أخرجه ابن سعد ولما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أمره أن يقيم بعده بمكة أياما حتى يؤدي عنه أمانة الودائع والوصايا التي كانت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم يلحقه بأهله ففعل ذلك وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدرا وأحدا وسائر المشاهد إلا تبوك فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استخلفه على المدينة وله في جميع المشاهد آثار مشهورة وأعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم اللواء في مواطن كثيرة وقال سعيد بن المسيب أصابت عليا يوم أحد ست عشرة ضربة وثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وآله وسلم أعطاه الراية في يوم خيبر وأخبر أن الفتح يكون على يديه وأحواله في الشجاعة وآثاره في الحروب مشهورة وكان علي شيخا سمينا أصلع كثير الشعر ربعة إلىالقصر عظيم البطن عظيم اللحية جدا قد ملأت ما بين منكبيه بيضاء كأنها قطن آدم شديد الأدمة وقال جابر بن عبد الله حمل على الباب على ظهره يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها وإنهم جروه بعد ذلك فلم يحمله إلا أربعون رجلا أخرجه ابن عساكر وأخرج ابن إسحاق في المغازي وابن عساكر عن أبي رافع أن عليا تناول بابا عند الحصن حصن خيبر فتترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله علينا ثم ألقاه فلقد رأيتنا ثمانية نفر نجهد أن نقلب ذلك الباب فما استطعنا أن نقلبه وروى البخاري في الأدب عن سهل بن سعد قال إن كان أحب أسماء علي رضي الله عنه إليه أبا تراب وإن كان ليفرح أن يدعى به وما سماه أبا تراب إلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذلك أنه غاضب يوما فاطمة فخرج فاضطجع إلى الجدار في المسجد فجاءه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد امتلأ ظهره ترابا فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمسح التراب عن ظهره ويقول أجلس أبا تراب روى له عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روى عنه بنوه الثلاثة الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وأبو موسى وأبو سعيد وزيد بن أرقم وجابر بن عبد الله وأبو أمامة وأبو هريرة وخلائق من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم اجمعين فصل في الأحاديث الواردة في فضله قال الإمام أحمد بن حنبل ما ورد لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الفضائل ما ورد لعلي رضي الله عنه أخرجه الحاكم وأخرج الشيخان عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان فقال أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى غير أنه لا نبي بعدي أخرجه أحمد والبزار من حديث أبي سعيد الخدري والطبراني من حديث أسماء بنت قيس وأم سلمة وحبشي بن جنادة وابن عمر وابن عباس وجابر بن سمرة والبراء بن عازب وزيد بن أرقم وأخرجا عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم خيبر لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال اين علي أبن أبي طالب فقيل هو يشتكي عينيه قال فأرسلوا إليه فأتى به فبصق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عينيه ودعا له فبرىء حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الرأية يدوكون أي يخوضون ويتحدثون وقد أخرج هذاالحديث الطبراني من حديث ابن عمر وعلى وابن أبي ليلى وعمران بن حصين والبزار من حديث ابن عباس وأخرج مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال لما نزلت هذه الآية ندع أبناءنا وأبناءكم دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال اللهم هؤلاء أهلي وأخرج الترمذي عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كنت مولاه فعلى مولاه وأخرجه أحمد عن علي وابي أيوب الأنصاري وزيد بن أرقم وعمرو ذي مر وأبو يعلى عن أبي هريرة والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وحبشي بن جنادة وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأنس والبزار عن ابن عباس وعمارة وبريدة وفي أكثرها زيادة اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ولأحمد عن أبي الطفيل قال جمع لي الناس سنة خمس وثلاثين في الرحبة ثم قال لهم أنشد الله بالله كل امرىء مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لما قام فقام إليه ثلاثون من الناس فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال من كنت مولاه فعلىمولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأخرج الترمذي والحاكم وصححه عن بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم قيل يا رسول الله سمهم لنا قال على منهم يقول ذلك ثلاثا وأبو ذر والمقداد وسلمان وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة عن حبشي بن جنادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على مني وأنا من علي وأخرج الترمذي عن ابن عمر قال آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه فجاء على تدمع عيناه فقال يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنت أخي في الدنيا والآخرة وأخرج مسلم عن علي قال والذي فلق الحبة وبرأالنسمة إنه لعهد النبي الأمي إلى أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق واخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليا وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله وأخرج الترمذي والحاكم عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا مدينة العلم وعلى بابها هذا حديث حسن علي الصواب لا صحيح كما قال الحاكم ولا موضوع كما قاله جماعة منهم ابن الجوزي والنووي وقد بينت حاله في التعقبات على الموضوعات وأخرج الحاكم وصححه عن علي قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن فقلت يا رسول الله بعثتني وأنا شاب أفضي بينهم ولا أدري ما القضاء فضرب صدري بيده ثم قال اللهم أهد قلبه وثبت لسانه فوالذي فلق الحبة ما شككت في قضاء بين اثنين وأخرج ابن سعد عن علي أنه قيل له ما لك أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حديثا قال إني كنت إذا سألته أنبأني وإذا سكت ابتدأني وأخرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال عمر بن الخطاب علي أقضانا وأخرج الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال إذا حدثنا ثقة عن علي بفتيا لا نعدوها وأخرج عن سعيد بن المسيب قال كان عمر بن الخطاب يتعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو حسن وأخرج عنه قال لم يكن أحد من الصحابة يقول سلوني إلا علي وأخرج ابن عساكر عن ابن مسعود قال أفرض أهل المدينة وأقضاها علي بن أبي طالب وأخرج عن عائشة رضي الله عنها أن عليا ذكر عندها فقالت أما إنه أعلم من بقي بالسنة وقال مسروق انتهى علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى عمر وعلي وابن مسعود وعبد الله رضي الله عنهم وقال عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة كان لعلي ما شئت من ضرس قاطع في العلم وكان له البسطة في العشيرة والقدم في الإسلام والعهد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والفقه في السنة والنجدة في الحرب والجود في المال وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن جابر بن عبد الله وقال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس من شجر شتي وأنا وعلي من شجرة واحدة وأخرج الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال ما أنزل الله يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي أميرها وشريفها ولقد عاتب الله أصحاب محمد في غير مكان وما ذكر عليا إلا بخير وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى ما نزل في علي وأخرخ ابن عساكر عن ابن عباس قال نزلت في على ثلثمائه آية وأخرج البزار عن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لعلى لا يحل لاحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا غضب لم يجترىء أحد أن يكلمه إلا علي وأخرج الطبراني والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال النظر إلى علي عبادة إسناده حسن وأخرجه الطبراني والحاكم أيضا من حديث عمران بن حصين وأخرجه ابن عساكر من حديث أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان ومعاذ بن جبل وأنس وثوبان وجابر بن عبد الله وعائشة رضي الله عنهم وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال كانت لعلي ثمان عشرة منقبة ما كانت لأحد من هذه الأمة واخرج أبو يعلى عن أبي هريرة قال قال عمر بن الخطاب لقد أعطى على ثلاث خصال لن تكون لي خصلة منها أحب إلي من أن أعطى حمر النعم فسئل وما هن قال تزوجه ابنته فاطمة وسكناه المسجد لا يحل لي فيه ما يحل له والراية يوم خيبر وروى أحمد بسند صحيح عن ابن عمر نحوه وأخرج أحمد وأبو يعلى بسند صحيح عن علي قال ما رمدت ولاصدعت منذ مسح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجهي وتفل في عيني يوم خيبر حين أعطاني الرأية واخرج أبو يعلى والبزار عن سعد بن أبي وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من آذى عليا فقد آذاني وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال من أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغض عليا فقد ابغضني ومن أبغضني فقد ابغض الله وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أم سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سب عليا فقد سبني وأخرج أحمد والحاكم بسند صحيح عن ابن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي إنك تقاتل علي القرآن كما قاتلت على تنزيله وأخرج البزار وأبو يعلى والحاكم عن علي قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا علي إن فيك مثلا من عيسى أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى انزلوه بالمنزل الذي ليس به ألا وإنه يهلك في أثنان محب مفرط يفرطني بما ليس في ومبغض مفتر يحمله شنآني على أن يبهتني وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا على الحوض وأخرج أحمد والحاكم بسند صحيح عن عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي أشقى الناس رجلان أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على هذه يعني قرنه حتى تبتل منه هذه من الدم يعني لحيته وقد ورد ذلك من حديث علي وصهيب وجابر بن سمرة وغيرهم وأخرج الحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال اشتكى الناس عليا فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فينا خطيبا فقال لا تشكوا عليا فوالله إنه لأخيشن في ذات الله أو في سبيل الله .

( 5 ) فاطمة بنت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
قال الامام إبن حجر العسقلاني في كتابه الاصابة في تمييز الصحابة : فاطمة الزهراء بنت إمام المتقين رسول الله محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم الهاشمية صلى الله على أبيها وآله وسلم ورضي عنها كانت تكنى أم أبيهابكسر الموحدة بعدها تحتانية سكانة ونقل بن فتحون عن بعضهم بسكون الموحدة بعدها نون وهو تصحيف وتلقب الزهراء روت عن أبيها روى عنها ابناها وأبوهما وعائشة وأم سلمة وسلمى أم رافع وأنس وأرسلت عنها فاطمة بنت الحسين وغيرها قال عبدالرزاق عن بن جريج قال لي غير واحد كانت فاطمة أصغر بنات النبي صلى الله عليه وسلم وأحبهن إليه وقال أبو عمر اختلفوا أيتهن أصغر والذي يسكن إليه اليقين أن أكبرهن زينب ثم رقية ثم أم كلثوم ثم فاطمة وقد تقدم شيء من هذا في ترجمة رقية ، واختلف في سنة مولدها فروى الواقدي عن طريق أبي جعفر الباقر قال قال العباس ولدت فاطمة والكعبة تبنى والنبي صلى الله عليه وسلم ابن خمس وثلاثين سنة وبهذا جزم المدائني ونقل أبو عمر عن عبيدالله بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمي أنها ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم وكان مولدها قبل البعثة بقليل نحو سنة أو أكثر وهي أسن من عائشة بنحو خمس سنين وتزوجها على أوائل المحرم سنة اثنتين بعد عائشة بأربعة أشهر وقيل غير ذلك وانقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من فاطمة ذكر ابن إسحاق في المغازي الكبرى حدثني ابن أبي نجيح عن علي أنه خطب فاطمة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم هل عندك من شيء قلت لا قال فما فعلت الدرع التي أصبتها يعني من مغانم بدر وقال بن سعد أخبرنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان هو ابن بلال حدثني جعفر بن محمد عن أبيه أصدق على فاطمة درعا من حديد وعن حازم عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي حين زوجه فاطمة أعطها درعك الحطمية هذا مرسل صحيح الإسناد وعن يزيد بن هارون عن جرير بن حازم عن أيوب أتم منه وأخرج أحمد في مسنده من طريق بن أبي نجيح عن أبيه عن رجل سمع عليا يقول أردت أن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فقلت والله مالي من شيء ثم ذكرت صبيته وعائدته فخطبتها إليه فقال وهل عندك شيء
فقلت لا قال فأين درعك الحطمية التي أعطيتك يوم كذا وكذا قلت هو عندي قال فأعطها إياها وله شاهد عند أبي داود من حديث بن عباس وأخرج بن سعد عن الواقدي من طريق أبي جعفر قال نزل النبي صلى الله عليه وسلم على أبي أيوب فلما تزوج على فاطمة قال له التمس منزلا فأصابه مستأخرا فبنى بها فيه فجاء إليها فقالت له كلم حارثة بن النعمان فقال قد تحول حارثة حتى استحييت منه فبلغ حارثة فجاء فقال يا رسول الله والله الذي تأخذ أحب إلي من الذي تدع فقال صدقت بارك الله فيك فتحول حارثة من بيت له فسكنه علي بفاطمة ومن طريق عمر بن علي قال تزوج علي فاطمة في رجب سنة مقدمهم المدينة وبني بها مرجعه من بدر ولها يومئذ ثمان عشرة سنة وفي الصحيح عن علي قصة الشارفين لما ذبحهما حمزة وكان علي أراد أن يبني بفاطمة فهذا يدفع قول من زعم أن تزويجه بها كان بعد أحد فإن حمزة قتل بأحد قال يزيد بن زريع عن روح بن القاسم عن عمرو بن دينار قالت عائشة ما رأيت قط أحدا أفضل من فاطمة غير أبيها أخرجه الطبراني في ترجمة إبراهيم بن هاشم من المعجم الأوسط وسنده صحيح على شرط الشيخين إلى عمر وقال عكرمة عن ابن عباس خط النبي صلى الله عليه وسلم أربعة خطوط فقال أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية وقال أبو يزيد المدائني عن أبي هريرة مرفوعا خير نساء العالمين أربع مريم وآسية وخديجة وفاطمة وقال الشعبي عن جابر حسبك من نساء العالمين أربع فذكرهن وقال عبدالرحمن بن أبي نعيم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا سيدة نساء أهل الجنة فاطمة إلا ما كان من مريم وفي الصحيحين عن المسور بن مخرمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ويريبني ما رابها وعن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن علي قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة إن الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك وأخرج الدولابي في الذرية الطاهرة بسند جيد عن عبدالله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بني علي بفاطمة لا تحدث شيئا حتى تلقاني فدعا بماء فتوضأ منه ثم أفرغه عليهما وقال اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما وقالت أم سلمة في بيتي نزلت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت الآية قالت فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين فقال هؤلاء أهل بيتي الحديث أخرجه الترمذي والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم وقال مسروق عن عائشة أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه ثم أسر إليها حديثا فبكت ثم أسر إليها حديثا فضحكت فقلت ما رأيت كاليوم أقرب فرحا من حزن فسألتها عما قال فقالت ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره فلما قبض سألتها فأخبرتني أنه قال إن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين وما أراه إلا قد حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي ونعم السلف أنا لك فبكيت فقال ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين فضحكت أخرجاه ، وقالت أم سلمة جاءت فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألتها عنه فقالت أخبرني أنه مقبوض في هذه السنة فبكيت فقال أما يسرك أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم فضحكت أخرجه أبو يعلى وأخرج ابن أبي عاصم عن عبدالله بن عمرو بن سالم المفلوج بمسند من أهل البيت عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك وأخرج الترمذي من حديث زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي وفاطمة والحسن والحسين أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم ونقل أبو عمر في قصة وفاتها أن فاطمة أوصت عليا أن يغسلها هو وأسماء بنت عميس واستبعده بن فتحون فإن أسماء كانت حينئذ زوج أبي بكر الصديق قال فكيف تنكشف بحضرة علي في غسل فاطمة وهو محل الاستبعاد وقد وقع عند أحمد أنها اغتسلت قبل موتها بقليل وأوصت ألا تكشف ويكتفي بذلك في غسلها واستبعد هذا أيضا وقد ثبت في الصحيح عن عائشة أن فاطمة عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر وقال الواقدي وهو ثبت وروى الحميدي عن سفيان عن عمرو بن دينار أنها بقيت بعده ثلاثة أشهر وقال غيره بعده أربعة أشهر وقيل شهرين وعند الدولابي في الذرية الطاهرة بقيت بعده خمسة وتسعين يوما وعن عبدالله بن الحارث بقيت بعده ثمانية أشهر وأخرج بن سعد وأحمد بن حنبل من حديث أم رافع قال مرضت فاطمة فلما كان اليوم الذي توفيت قالت لي يا أمة اسكبي لي غسلا فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل ثم لبست ثيابا لها جددا ثم قالت اجعلي فراشي وسط البيت فاضطجعت عليه واستقبلت القبلة وقالت يا أمة أني مقبوضة الساعة وقد اغتسلت فلا يكشفن لي أحد كنفا فماتت فجاء علي فأخبرته فاحتملها ودفنها بغسلها ذلك وأخرج بن سعد من طريق محمد بن موسى أن عليا غسل فاطمة ومن طريق عبيدالله بن أبي بكر عن عمرة قالت صلى العباس على فاطمة ونزل هو وعلي والفضل بن عباس في حفرتها وروى الواقدي عن طريق الشعبي قال صلى أبو بكر على فاطمة وهذا فيه ضعف وانقطاع وقد روى بعض المتروكين عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه نحوه ووهاه الدارقطني وابن عدي قال بن سعد أخبرنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة أدم حشوها ليف ورحاءين وسقاءين قال فقال علي لفاطمة يوما لقد سنوت حتى اشتكيت صدري وقد جاء الله بسبي فاذهبي فاستخدمي فقالت وأنا والله قد طحنت حتى تجلت يداي فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما جاء بك أي بنية فقالت جئت لأسلم عليك واستحيت أن تسأله ورجعت فأتياه جميعا فذكر له علي حالهما قال لا والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تتلوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم ولكن أبيع وأنفق عليهم أثمانهم فرجعا فأتاهما وقد دخلا قطيفتهما إذا غطيا رؤوسهما بدت أقدامهما وإذا غطيا أقدامهما انكشفت رؤوسهما فثارا فقال مكانكما ألا أخبركما بخير مما سألتماني فقالا بلى فقال كلمات علمني اياهن جبريل تسبحان في دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين وأحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين قال علي فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن وقال له ابن الكواء ولا ليلة صفين فقال قاتلكم الله يا أهل الطروق ولا ليلة صفين ، وأخبرنا عبيدالله بن موسى حدثنا عبدالعزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت قال كان بين علي وفاطمة كلام فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل حتى أصلح بينهما ثم خرج قال فقيل له دخلت وأنت على حال وخرجت ونحن نرى البشر في وجهك فقال وما يمنعني وقد أصلحت بين أحب اثنين إلي وأخرج الواقدي بسند له عن أبي جعفر قال دخل العباس على علي وفاطمة وهي تقول أنا أسن منك فقال العباس ولدت فاطمة وقريش تبني الكعبة وولد علي قبلها بسنوات وقال الواقدي توفيت فاطمة ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة ومن طريق عمرة صلى العباس على فاطمة ونزل في حفرتها هو وعلي والفضل ومن طريق علي بن الحسين أن عليا صلى عليها ودفنها بليل بعد هدأه وذكر عن ابن عباس أنه سأله فأخبره بذلك وقال الواقدي قلت لعبدالرحمن بن أبي الموالي إن الناس يقولون إن قبر فاطمة بالبقيع فقال ما دفنت إلا في زاوية في دار عقيل وبين قبرها وبين الطريق سبعة أذرع.‏

( 6 ) الحسن بن علي رضي الله عنهما
قال الامام إبن حجر العسقلاني في كتابه الاصابة في تمييز الصحابة : قال الامام إبن حجر العسقلاني في كتابه الاصابة في تمييز الصحابة : الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته أمير المؤمنين أبو محمد ولد في نصف شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة قاله بن سعد وابن البرقي وغير واحد وقيل في شعبان منها وقيل ولد سنة أربع وقيل سنة خمس والأول أثبت روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث حفظها عنه منها في السنن الأربعة قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر الحديث. ومنها عن أبي الحوراء بالمهملة والراء قلت للحسن ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أخذت تمرة من تمر الصدقة فتركتها في فمي فنزعها بلعابها الحديث وهذه القصة أخرجها أصحاب الصحيح من حديث أبي هريرة وروى الحسن أيضا عن أبيه وأخيه الحسين وخاله هند بن أبي هالة روى عنه ابنه الحسن وعائشة أم المؤمنين وابن أخيه علي بن الحسين وابناه عبدالله والباقر وعكرمة وابن سيرين وجبير بن نفير وأبو الحوراء بمهملتين واسمه ربيعة بن شيبان وأبو مجلز وهبيرة بن يريم بفتح المثناة التحتانية أوله بوزن عظيم وسفيان بن الليل وغيرهم وروى الترمذي من حديث أسامة بن زيد قال طرقت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة فقال هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما ومن طريق إسماعيل بن أبي خالد سمعت أبا جحيفة يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الحسن بن علي يشبهه وفي الترمذي من حديث بريدة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه الحديث ومن طريق الزهري عن أنس قال لم يكن أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من الحسن وفي رواية معمر عنه أشبه وجها وفي البخاري عن أسامة كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلسني والحسن بن علي فيقول اللهم إني أحبهما فأحبهما ، وفي البخاري عن بن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث قال صلى بنا أبو بكر العصر ثم خرج فرأى الحسن بن علي يلعب فأخذه فحمله على عنقه وهو يقول بأبي شبيه بالنبي ليس شبيها بعلي وعلي يضحك وفي المسند من طريق زمعة بن صالح عن بن أبي مليكة كانت فاطمة تنقر الحسن وتقول مثل ذلك وذكر الزبير عن عمه قال ذكر عن البهي قال تذاكرنا من أشبه النبي صلى الله عليه وسلم من أهله فدخل علينا عبدالله بن الزبير فقال أنا أحدثكم بأشبه أهله به وأحبهم إليه الحسن بن علي رأيته يجيء وهو ساجد فيركب رقبته أو قال ظهره فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل ولقد رأيته يجيء وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر وساقه بن سعد موصولا من طريق يزيد بن أبي رياد عن عبدالله البهي مولى الزبير وقال الطبراني حدثنا عبدان حدثنا قتيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن معاوية بن أبي مزرد عن أبيه عن أبي هريرة سمعت أذناي هاتان وأبصرت عيناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول حزقه حزقه ترق عين بقه فيرقى الغلام حتى يضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له افتح ثم قبله ثم قال اللهم أحبه فإني أحبه وأخرجه خيثمة عن إبراهيم بن أبي العنبس عن جعفر بن عون عن معاوية نحوه وعند أحمد من طريق زهير بن الأقمر بينما الحسن بن علي يخطب بعدما قتل علي إذ قام رجل من الأزد آدم طوال فقال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعه في حبوته يقول من أحبني فليحبه فليبلغ الشاهد الغائب ومن طريق عبدالرحمن بن مسعود عن أبي هريرة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن وحسين هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم هذا مرة وهذه مرة حتى انتهى إلينا فقال من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني وعند أبي يعلى من طريق عاصم عن زر عن عبدالله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما فإذا قضى الصلاة وضعهما في حجره فقال من أحبني فليحب هذين وله شاهد في السنن وصحيح بن خزيمة عن بريدة وفي معجم البغوي نحوه بسند صحيح عن شداد بن الهاد وفي المسند من حديث أم سلمة قالت دخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين فوضعهما في حجره فقبلهما واعتنق عليا بإحدى يديه وفاطمة بالأخرى فجعل عليهم خميصة سوداء فقال اللهم إليك لا إلى النار وله طرق في بعضها كساء وأصلحه في مسلم ومن حديث حذيفة رفعه الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وله طرق أيضا وفي الباب عن علي وجابر وبريدة وأبي سعيد وفي البخاري عن أبي بكر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي معه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة ويقول إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ، وقال أحمد حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا المبارك بن فضالة حدثنا الحسن بن أبي الحسن حدثنا أبو بكرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس وكان الحسن بن علي يثب على ظهره إذا سجد ففعل ذلك غير مرة قالوا له إنك لتفعل بهذا شيئا ما رأيناك تفعله بأحد قال إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين قال فلما ولي لم يهرق في خلافته محجمة من دم وأخرجه إسماعيل الخطبي من طريق حماد بن زيد عن علي بن زيد وهشام عن الحسن نحوه قال فنظر إليهم أمثال الجبال في الحديد فقال أضرب هؤلاء بعضهم ببعض في ملك من ملك الدنيا لا حاجة له به وقال العباس الدوري حدثنا علي بن الحسن بن شقيق حدثنا الحسين بن واقد عن عبدالله بن بريدة قال قدم الحسن بن علي على معاوية فقال لأجيزنك بجائزة ما أجزت بها أحدا قبلك ولا أجيز بها أحدا بعدك فأعطاه أربعمائة ألف وقال بن أبي خيثمة حدثنا هارون بن معروف حدثنا ضمرة عن بن شوذب قال لما قتل علي سار الحسن في أهل العراق ومعاوية في أهل الشام فالتقوا فكره الحسن القتال وبايع معاوية على أن يجعل العهد له من بعده فكان أصحاب الحسن يقولون له يا عار أمير المؤمنين فيقول العار خير من النار وأخرج ابن سعد من طريق مجالد عن الشعبي وغيره قال بايع أهل العراق بعد علي الحسن بن علي فسار إلى أهل الشام وفي مقدمته قيس بن سعد في اثني عشر ألفا يسمون شرطة الجيش فنزل قيس بمسكن من الأنبار ونزل الحسن المدائن فنادى مناد في عسكر الحسن ألا إن قيس بن سعد قتل فوقع الانتهاب في العسكر حتى انتهبوا فسطاط الحسن وطعنه رجل من بني أسد بخنجر فدعا عمرو بن سلمة الأرحبي وأرسله إلى معاوية يشترط عليه وبعث معاوية عبدالرحمن بن سمرة وعبدالله بن عامر فأعطيا الحسن ما أراد فجاء له معاوية من منبج إلى مسكن فدخلا الكوفة جميعا فنزل الحسن القصر ونزل معاوية النخيلة وأجرى عليه معاوية في كل سنة ألف ألف درهم وعاش الحسن بعد ذلك عشر سنين قال بن سعد وأخبرنا عبدالله بن بكر السهمي حدثنا حاتم بن أبي صغيرة عن عمرو بن دينار قال وكان معاوية يعلم أن الحسن أكره الناس للفتنة فراسله وأصلح الذي بينهما وأعطاه عهدا إن حدث به حدث والحسن حي ليجعلن هذا الأمر إليه قال فقال عبدالله بن جعفر قال الحسن إني رأيت رأيا أحب أن تتابعني عليه قلت ما هو قال رأيت أن أعمد إلى المدينة فأنزلها وأخلي الأمر لمعاوية فقد طالت الفتنة وسفكت الدماء وقطعت السبل قال فقلت له جزاك الله خيرا عن أمة محمد فبعث إلى حسين فذكر له ذلك فقال أعيذك بالله فلم يزل به حتى رضى وقال يعقوب بن سفيان حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عون بن موسى سمعت هلال بن خباب جمع الحسن رؤوس أهل العراق في هذا القصر قصر المدائن فقال إنكم قد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت وإني قد بايعت معاوية فاسمعوا له وأطيعوا قال الواقدي حدثنا داود بن سنان حدثنا ثعلبة بن أبي مالك شهدت الحسن يوم مات ودفن في البقيع فرأيت البقيع ولو طرحت فيه إبرة ما وقعت إلا على رأس إنسان قال الواقدي مات سنة تسع وأربعين وقال المدائني مات سنة خمسين وقيل سنة إحدى وخمسين وقال الهيثم بن عدي سنة أربع وأربعين وقال بن منده مات سنة تسع وأربعين وقيل خمسين وقيل سنة ثمان وخمسين ويقال إنه مات مسموما قال ابن سعد أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا بن عون عن عمير بن إسحاق دخلت أنا وصاحب لي على الحسن بن علي فقال لقد لفظت طائفة من كبدي وإني قد سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذا فأتاه الحسين بن علي فسأله من سقاك فأبى أن يخبره.‏

( 7 ) الحسين بن علي رضي الله عنهما
قال الامام إبن حجر العسقلاني في كتابه الاصابة في تمييز الصحابة : الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم الهاشمي أبو عبدالله سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته قال الزبير وغيره ولد في شعبان سنة أربع وقيل سنة ست وقيل سنة سبع وليس بشيء قال جعفر بن محمد لم يكن بين الحمل بالحسين بعد ولادة الحسن إلا طهر واحد قلت فإذا كان الحسن ولد في رمضان وولد الحسين في شعبان احتمل أن تكون ولدته لتسعة أشهر ولم تطهر من النفاس إلا بعد شهرين وقد حفظ الحسين أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم عدداً من الأحاديث. وروي عنه وأخرج له أصحاب السنن أحاديث يسيرة وروى بن ماجة وأبو يعلى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم تصيبه مصيبة وإن قدم عهدها فيحدث لها استرجاعا إلا أعطاه الله ثواب ذلك لكن في إسناده ضعف وروى عن أبيه وأمه وخاله هند بن أبي هالة وعن عمر وروى عنه أخوه الحسن وبنوه على زين العابدين وفاطمة وسكينة وحفيده الباقر والشعبي وعكرمة وسنان الدؤلي وكرز التيمي وآخرون وروى أبو يعلى من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة قال كان الحسن والحسين يصطرعان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول هي حسين فقالت فاطمة لم تقول هي حسين فقال إن جبريل يقول هي حسين وفي الصحيح عن بن عمر حين سأله رجل عن دم البعوض سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هما ريحانتاي من الدنيا يعني الحسن والحسين ومن حديث بن سيرين عن أنس قال كان الحسن والحسين أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبيد بن حنين حدثني الحسين بن علي قال أتيت عمر وهو يخطب على المنبر فصعدت إليه فقلت انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك فقال عمر لم يكن لأبي منبر وأخذني فأجلسني معه أقلب حصى بيدي فلما نزل انطلق بي إلى منزله فقال لي من علمك قلت والله ما علمني أحد قال بأبي لو جعلت تغشانا قال فأتيته يوما وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب فرجع بن عمر فرجعت معه فلقيني بعد قلت فقال لي لم أرك قلت يا أمير المؤمنين
إني جئت وأنت خال بمعاوية فرجعت مع ابن عمر فقال أنت أحق بالإذن من ابن عمر سنده صحيح وهو عند الخطيب وقال يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث بينما عبدالله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة إذ رأى الحسين مقبلا فقال هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم وكانت إقامة الحسين بالمدينة إلى أن خرج مع أبيه إلى الكوفة فشهد معه الجمل ثم صفين ثم قتال الخوارج وبقي معه إلى أن قتل ثم مع أخيه إلى أن سلم الأمر إلى معاوية فتحول مع أخيه إلى المدينة واستمر بها إلى أن مات معاوية فخرج إلى مكة ثم أتته كتب أهل العراق بأنهم بايعوه بعد موت معاوية فأرسل إليهم بن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب فأخذ بيعتهم وأرسل إليهم فتوجه وكان من قصة قتله ما كان وقال عمار بن معاوية الدهني قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسن حدثني عن مقتل الحسين حتى كأني حضرته قال مات معاوية والوليد بن عتبة بن أبي سفيان على المدينة فأرسل إلى الحسين بن علي ليأخذ بيعته ليلته فقال أخرني ورفق به فأخره فخرج إلى مكة فأتاه رسل أهل الكوفة إنا قد حبسنا أنفسنا عليك ولسنا نحضر الجمعة مع الوالي فأقدم علينا وقال وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة فبعث الحسين بن علي إليهم مسلم بن عقيل فقال سر إلى الكوفة فانظر ما كتبوا به إلي فإن كان حقا قدمت إليه فخرج مسلم حتى أتى المدينة فأخذ منها دليلين فمرا به في البرية فأصابهم عطش فمات أحد الدليلين فقدم مسلم الكوفة فنزل على رجل يقال له عوسجة فلما علم أهل الكوفة بقدومه دبوا إليه فبايعه منهم اثنا عشر ألفا فقام رجل ممن يهوى يزيد بن معاوية إلى النعمان بن بشير فقال إنك ضعيف أو مستضعف قد فسد البلد قال له النعمان لأن أكون ضعيفا في طاعة الله أحب إلي من أن أكون قويا في معصيته ما كنت لأهتك سترا فكتب الرجل بذلك إلى يزيد فدعا يزيد مولى له يقال له سرحون فاستشاره فقال له ليس للكوفة إلا عبدالله بن زياد وكان يزيد ساخطا على عبيدالله وكان هم بعزله عن البصرة فكتب إليه برضاه عنه وأنه قد أضاف إليه الكوفة وأمره أن يطلب مسلم بن عقيل فإن ظفر به قتله فأقبل عبيدالله بن زياد في وجوه أهل البصرة حتى قدم الكوفة متلثما فلا يمر على أحد فيسلم إلا قال له أهل المجلس عليك السلام يا بن رسول الله يظنونه الحسين بن علي قدم عليهم فلما نزل عبيدالله القصر دعا مولى له فدفع إليه ثلاثة آلاف درهم فقال اذهب حتى تسأل عن الرجل الذي يبايعه أهل الكوفة فادخل عليه وأعلمه أنك من حمص وادفع إليه المال وبايعه فلم يزل المولى يتلطف حتى دلوه على شيخ يلي البيعة فذكر له أمره فقال لقد سرني إذ هداك الله وساءني أن أمرنا لم يستحكم ثم أدخله على مسلم بن عقيل فبايعه ودفع له المال وخرج حتى أتى عبيدالله فأخبره وتحول مسلم حين قدم عبيدالله من تلك الدار إلى دار أخرى فأقام عند هانئ بن عروة المرادي وكان عبيدالله قال لأهل الكوفة ما بال هانئ بن عروة لم يأتني فخرج إليه محمد بن الأشعث في أناس من وجوه أهل الكوفة وهو على باب داره فقالوا له إن الأمير قد ذكرك واستبطاك فانطلق إليه فركب معهم حتى دخل على عبيدالله بن زياد وعنده شريح القاضي فقال عبيدالله لما نظر إليه لشريح أتتك بحائن رجلاه ، فلما سلم عليه قال له يا هانئ أين مسلم بن عقيل فقال له لا أدري فأخرج إليه المولى الذي دفع الدراهم إلى مسلم فلما رآه سقط في يده وقال أيها الأمير والله ما دعوته إلى منزلي ولكنه جاء فطرح نفسه على فقال ائتني به فتلكأ فاستدناه فأدنوه منه فضربه بالقضيب وأمر بحبسه فبلغ الخبر قومه فاجتمعوا على باب القصر فسمع عبيدالله الجلبة فقال لشريح القاضي اخرج إليهم فأعلمهم أنني ما حبسته إلا لأستخبره عن خبر مسلم ولا بأس عليه مني فبلغهم ذلك فتفرقوا ونادى مسلم بن عقيل لما بلغه الخبر بشعاره فاجتمع عليه أربعون الفا من أهل الكوفة فركب وبعث عبيدالله إلى وجوه أهل الكوفة فجمعهم عنده في القصر فأمر كل واحد منهم أن يشرف على عشيرته فيردهم فكلموهم فجعلوا يتسللون فأمسى مسلم وليس معه إلا عدد قليل منهم فلما اختلط الظلام ذهب أولئك أيضا فلما بقي وحده تردد في الطرق بالليل فأتى باب امرأة فقال اسقني ماء فسقته فاستمر قائما قالت يا عبدالله إنك مرتاب فما شأنك قال أنا مسلم بن عقيل فهل عندك مأوى قالت نعم ادخل فدخل وكان لها ولد من موالي محمد بن الأشعث فانطلق إلى محمد بن الأشعث فأخبره فلما يفجأ مسلما إلا والدار قد أحيط بها فلما رأى ذلك خرج بسيفه يدفعهم عن نفسه فأعطاه محمد بن الأشعث الأمان فأمكن من يده فأتى به عبيدالله فأمر به فأصعد إلى القصر ثم قتله وقتل هانئ بن عروة وصلبهما فقال شاعرهم في ذلك أبياتا منها فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري إلى هانئ في السوق وابن عقيل ولم يبلغ الحسين ذلك حتى كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال فلقيه الحر بن يزيد التميمي فقال له ارجع فإني لم أدع لك خلفي خيرا وأخبره الخبر فهم أن يرجع وكان معه إخوة مسلم فقالوا والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل فساروا وكان عبيدالله قد جهز الجيش لملاقاته فوافوه بكربلاء فنزلها ومعه خمسة وأربعون نفسا من الفرسان ونحو مائة راجل فلقيه الحسين وأميرهم عمر بن سعد بن أبي وقاص وكان عبيدالله ولاه الري وكتب له بعهده عليها إذا رجع من حرب الحسين فلما التقيا قال له الحسين اختر مني إحدى ثلاث إما أن ألحق بثغر من الثغور وإما أن أرجع إلى المدينة وإما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية فقبل ذلك عمر منه وكتب به إلى عبيدالله فكتب إليه لا أقبل منه حتى يضع يده في يدي فامتنع الحسين فقاتلوه فقتل معه أصحابه وفيهم سبعة عشر شابا من أهل بيته ثم كان آخر ذلك أن قتل وأتي برأسه إلى عبيدالله فأرسله ومن بقي من أهل بيته إلى يزيد ومنهم علي بن الحسين وكان مريضا ومنهم عمته زينب فلما قدموا على يزيد أدخلهم على عياله ثم جهزهم إلى المدينة قلت وقد صنف جماعة من القدماء في مقتل الحسين تصانيف فيها الغث والسمين والصحيح والسقيم وفي هذه القصة التي سقتها غنى وقد صح عن إبراهيم النخعي أنه كان يقول لو كنت فيمن قاتل الحسين ثم أدخلت الجنة لاستحييت أن أنظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم نصف النهار أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم فقلت بأبي وأمي يا رسول الله ما هذا قال هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل ألتقطه منذ اليوم فكان ذلك اليوم الذي قتل فيه وعن عمار عن أم سلمة سمعت الجن تنوح على الحسين بن علي قال الزبير بن بكار قتل الحسين يوم عاشوراء سنة إحدى وستين وكذا قال الجمهور وشذ من قال غير ذلك.‏

( 8 ) صفية بنت عبد المطلب رضى الله عنها
قال الامام إبن حجر العسقلاني في كتابه الاصابة في تمييز الصحابة : صفية بنت عبدالمطلب بن هاشم القرشية الهاشمية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووالدة الزبير بن العوام أحد العشرة وهي شقيقة حمزة أمها هالة بنت وهب خالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أول من تزوجها الحارث بن حرب بن أمية ثم هلك فخلف عليها العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى فولدت له الزبير والسائب وأسلمت وروت وعاشت إلى خلافة عمر قاله أبو عمر قلت وهاجرت مع ولدها الزبير وأخرج بن أبي خيثمة وابن مندة من رواية أم عروة بنت جعفر بن الزبير عن أبيها عن جدتها صفية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى الخندق جعل نساء في أطم يقال له فارع وجعل معهن حسان بن ثابت قال فجاء إنسان من اليهود فرقى في الحصن حتى أطل علينا فقلت لحسان قم فاقتله فقال لو كان ذلك في كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت صفية فقمت إليه فضربته حتى قطعت رأسه وقلت لحسان قم فاطرح رأسه على اليهود وهم أسفل الحصن فقال والله ما ذاك قالت فأخذت رأسه فرميت به عليهم فقالوا قد علمنا أن هذا لم يكن ليترك أهله خلوفا ليس معهم أحد فتفرقوا وذكره بن إسحاق في رواية يونس بن بكير عن أبيه عن يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه قال كانت صفية في فارع القصة وفيها مجموعة من النسوة معهن حسان فدخل عليهن أحد اليهود فما كان من صفية الا أن اعتجرت وأخذت عمودا ونزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته وزاد يونس عن هشام عن عروة عن أبيه عن صفية قال نحوه وزاد وهي أول امرأة قتلت رجلا من المشركين أخرجه بن سعد عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لقتال عدوه رفع نساءه في أطم حسان لأنه كان من أحصن الآطام فتخلف حسان في الخندق فجاء يهودي فلصق بالأطم ليسمع فقالت صفية لحسان انزل إليه فاقتله فكأنه هاب ذلك فأخذت عمودا فنزلت إليه حتى فتحت الباب قليلا قليلا فحملت عليه فضربته بالعمود فقتلته ومن طريق حماد عن هشام عن أبيه أن صفية جاءت يوم أحد وقد انهزم الناس وبيدها رمح تضرب في وجوههم فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا زبير المرأة قال بن سعد توفيت في خلافة عمر روت صفية عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخرج الطبراني من طريق حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه قال لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم خرجت صفية تلمع بردائها وهي تقول
قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم يكثر الخطب
وذكر لها ابن إسحاق من رواية إبراهيم بن سعد وغيره في السيرة أبياتا مرثية في النبي صلى الله عليه وسلم منها
لفقد رسول الله إذ حان يومه * فيا عين جودي بالدموع السواجم
وفي السيرة من رواية يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني الزهري وعاصم بن عمر بن قتادة ومحمد بن يحيى وغيرهم عن قتل حمزة قال فأقبلت صفية بنت عبدالمطلب لتنظر إلى أخيها فلقيها الزبير فقال أي أمة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي قالت ولم وقد بلغني أنه مثل بأخي وذلك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك لأصبرن وأحتسبن إن شاء الله فجاء الزبير فأخبره فقال خل سبيلها فأتت إليه واستغفرت له ثم أمر به ودفن ومما رثت به صفية النبي صلى الله عليه وسلم
إن يوما أتى عليك ليوم * كورت شمسه وكان مضيئا‏
( 9 ) عبد الله بن عباس رضى الله عنه


قال الامام إبن حجر العسقلاني في كتابه الاصابة في تمييز الصحابة : عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبو العباس بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية ولد وبنو هاشم بالشعب قبل الهجرة بثلاث وقيل بخمس والأول أثبت وهو يقارب ما في الصحيحين عنه أقبلت وأنا راكب على حمار أتان وأنا يومئذ قد ناهزت سن الاحتلام والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار الحديث وفي الصحيح عن ابن عباس قبض النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ختين وفي رواية وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك وفي طريق أخرى قبض وأنا ابن عشر سنين وهذا محمول على إلغاء الكسر روى الترمذي من طريق ليث عن أبي جهضم عن ابن عباس أنه رآى جبرائيل عليه السلام مرتين وفي الصحيح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ضمه إليه وقال اللهم علمه الحكمة وكان يقال له حبر العرب ويقال إن الذي لقبه بذلك جرجير ملك المغرب وكان قد غزا مع عبدالله بن أبي سرح إفريقية فتكلم مع جرجير فقال له ما ينبغي إلا أن تكون حبر العرب ذكر ذلك بن دريد في الأخبار المنثورة له وقال الواقدي لا خلاف عند أئمتنا أنه ولد بالشعب حين حصرت قريش بني هاشم وإنه كان له عند موت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة وروى أبو الحسن المدائني عن سحيم بن حفص عن أبي بكرة قال قدم علينا ابن عباس البصرة وما في العرب مثله جسما وعلما وثيابا وجمالا وكمالا وأخرج الطبراني أن حسان بن ثابت قال كانت لنا عند عثمان أو غيره من الأمراء حاجة فطلبناها إليه جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وكانت حاجة صعبة شديدة فاعتل علينا فراجعوه إلى أن عذروه وقاموا إلا ابن عباس فلم يزل يراجعه بكلام جامع حتى سد عليه كل حاجة فلم يرى بدا من أن يقضي حاجتنا فخرجنا من عنده وأنا آخذ بيد ابن عباس فمررنا على أولئك الذين كانوا عذروا وضعفوا فقلت كان عبدالله أولاكم به قالوا أجل فقلت امدحه
إذا قال لم يترك مقالا لقائل * بملتقطات لا ترى بينها فصلا
كفى وشفى ما في الصدور ولم يدع * لذي اربة في القول جدا ولا هزلا
سموت إلى العليا بغير مشقة * فنلت ذراها لا دنيا ولا وغلا
قال ابن يونس غزا إفريقية مع عبدالله بن سعد سنة سبع وعشرين وقال بن منده كان أبيض طويلا مشربا صفرة جسيما وسيما صبيح الوجه له وفرة يخضب بالحناء وقال محمد بن عثمان بن أبي خيثمة في تاريخه عن أبي إسحاق رأيت ابن عباس رجلا جسيما قد شاب مقدم رأسه وله جمة وقال أبو عوانة كان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد رجلين وفي معجم البغوي عن ابن عمر أنه كان يقرب ابن عباس ويقول إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاك فمسح رأسك وتفل في فيك وقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ورواه ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بالمرفوع نحوه وفي فوائد أبي الطاهر الذهلي عن سعيد بن جبير عن بن عباس أنه سكب للنبي صلى الله عليه وسلم وضوءا عند خالته ميمونة فلما فرغ قال من وضع هذا فقالت ابن عباس فقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل وفي مسند أحمد أن كريب أخبره أن بن عباس قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه فلما أقبل على صلاته خنست فلما انصرف قال لي ما شأنك فقلت يا رسول الله أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله فدعا لي أن يزيدني الله علما وفهما وقال ابن سعد وقال الدارمي والحارث في مسنديهما جميعا : عن ابن عباس قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار هلم فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اليوم كثير قال فقال واعجبا لك أترى الناس يفتقرون إليك قال فترك ذلك وأقبلت أسأل فإن كان ليبلغني الحديث عن رجل فأتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه تسفى الريح علي من التراب فيخرج فيراني فيقول يا بن عم رسول الله ما جاء بك هلا أرسلت إلي فأتيك فأقول لا أنا أحق أن آتيك فأسأله عن الحديث فعاش الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي ليسألوني فقال هذا الفتى كان أعقل مني وقال محمد بن هارون الروياني في مسنده ، وقال عبدالرزاق أنبأنا معمر عن الزهري قال قال المهاجرون لعمر ألا تدعوا أبناءنا كما تدعو ابن عباس قال ذاكم فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول وفي تاريخ يعقوب بن سفيان من طريق يزيد بن الأصم عن بن عباس قال قدم على عمر رجل فسأله عن الناس فقال قرأ منهم القرآن كذا وكذا فقال ابن عباس ما أحب أن يسأل عن آي القرآن قال فزبرني عمر فانطلقت إلى منزلي فقلت ما أراني إلا قد سقطت من نفسه فبينا أنا كذلك إذا جاءني رجل فقال أجب فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال ما كرهت مما قال الرجل فقلت يا أمير المؤمنين إن كنت أسأت فاستغفر الله قال لتحدثني قلت إنهم متى تنازعوا اختلفوا ومتى اختلفوا اقتتلوا قال لله أبوك لقد كنت أكتمها الناس ، وفي المجالسة من طريق المدائني قال علي في ابن عباس إنه لينظر إلى الغيب من ستر رقيق لعقله وفطنته ومن طريق ابن المبارك عن داود وهو ابن أبي هند عن الشعبي قال ركب زيد بن ثابت فأخذ ابن عباس بركابه فقال لا تفعل يا ابن عم رسول الله فقال هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا فقبل زيد بن ثابت يده وقال هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا. وأخرج يعقوب بن سفيان عن سليمان بن حرب عن جرير بن حازم عن أيوب مثل ما أخرج أحمد عن إسماعيل عن أيوب عن عكرمة أن عليا حرق ناسا فبلغ ابن عباس فقال لم أكن لأحرقهم الحديث زاد سليمان فبلغ عليا قوله فقال ويح بن أم الفضل إنه لغواص ، وأخرج بن سعد بسند حسن عن سلمة بن كهيل قال قال عبدالله نعم ترجمان القرآن ابن عباس وفي تاريخ محمد بن عثمان بن أبي شيبة وأبي زرعة الدمشقي جميعا : سئل ابن عمر عن شيء فقال سل ابن عباس فإنه أعلم من بقي بما أنزل الله على محمد وأخرجه ابن أبي خيثمة من وجه آخر عن ابن عمر لكن فيه جابر الجعفي وأخرج أبو نعيم من طريق حمزة بن أبي محمد عن عبدالله بن دينار أن رجلا سأل ابن عمر عن قوله تعالى {كانتا رتقا ففتقناهما} فقال اذهب إلى ذلك الشيخ فسله ثم تعال فأخبرني فذهب إلى ابن عباس فسأله فقال كانت السماوات رتقاء لا تمطر والأرض رتقاء لا تنبت ففتق هذه بالمطر وهذه بالنبات فرجع الرجل فأخبر ابن عمر فقال لقد أوتي ابن عباس علما صدقا هكذا لقد كنت أقول ما يعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن فالآن قد علمت أنه قد أوتي علما وأخرج ابن سعد بسند صحيح عن يحيى بن سعيد الأنصاري لما مات زيد بن ثابت قال أبو هريرة مات حبر هذه الأمة ولعل الله أن يجعل في ابن عباس خلفا ، وأخرج يعقوب بن سفيان من طريق بن إسحاق عن عبدالله بن شبيب قال قالت عائشة هو أعلم الناس بالحج وفي فوائد بن المقرئ من طريق ابن أبي الزناد عن أبيه عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أن عمر كان يأخذ بقول ابن عباس في العضل ، وأخرج يعقوب بن سفيان ، وفي معجم البغوي من طريق عبدالجبار بن الورد عن عطاء ما رأيت قط أكرم من مجلس ابن عباس أكثر فقها وأعظم خشية إن أصحاب الفقه عنده وأصحاب القرآن عنده وأصحاب الشعر عنده يصدرهم كلهم من واد واسع وعند ابن سعد من طريق ليث بن أبي سليم عن طاوس رأيت سبعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تدارءوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس ، وفي أمالي الصولي من طريق شريك عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق كنت إذا رأيت ابن عباس قلت أجمل الناس فإذا نطق قلت أفصح الناس فإذا تحدث قلت أعلم الناس، وقال يعقوب بن سفيان حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل قال قرأ ابن عباس سورة النور فجعل يفسرها فقال رجل لو سمعت هذا الديلم لأسلمت ، وقال أبو وائل قال رجل إني لأشتهي أن أقبل رأسه يعني من حلاوة كلامه وقال سعيد بن منصور حدثنا سفيان عن عبدالكريم الجزري عن سعيد بن جبير كنت أسمع الحديث من ابن عباس فلو يأذن لي لقبلت رأسه وعند الدارمي وابن سعد بسند صحيح عن عبيدالله بن أبي يزيد كان ابن عباس إذا سئل فإن كان في القرآن أخبر به فإن لم يكن وكان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر به فإن لم يكن وكان عن أبي بكر وعمر أخبر به فإن لم يكن قال برأيه وفي رواية ابن سعد اجتهد رأيه وعند البيهقي من طريق كهمس بن الحسن عن عبدالله بن بريدة قال شتم رجل ابن عباس فقال إنك لتشتمني وفي ثلاث إني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأحبه ولعلي لا أقاضي إليه أبدا وإني لأسمع بالغيث يصيب البلاد من بلدان المسلمين فأفرح به وما لي بها سائمة ولا راعية وإني لآتي على آية من كتاب الله تعالى فوددت أن المسلمين كلهم يعلمون منها مثل ما أعلم. وقال يعقوب بن سفيان حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثني بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب قال سنة قتل عثمان حج بالناس عبدالله بن عباس بأمر عثمان وعن يحيى بن بكير عن الليث سنة خمس وثلاثين وذكر خليفة أن عليا ولاه البصرة وكان على الميسرة يوم صفين واستخلف أبا الأسود على الصلاة وزيادا على الخراج وكان استكتبه فلم يزل ابن عباس على البصرة حتى قتل علي فاستخلف على البصرة عبدالله بن الحارث ومضى إلى الحجاز وأخرج الزبير بسند له أن ابن عباس كان يغشى الناس في رمضان وهو أمير البصرة فما ينقضي الشهر حتى يفقههم قال وحدثني محمد بن سلام قال سعى ساع إلى ابن عباس برجل فقال إن شئت نظرنا فإن كنت كاذبا عاقبناك وإن كنت صادقا نفيناك وإن شئت أقلتك قال هذه ،
وقال الزبير بن بكار حدثت عن عمرو بن دينار قال لما مات عبدالله بن العباس قال مات رباني هذه الأمة وساق بسند له إلى موسى بن عقبة عن مجاهد عن ابن عباس مات بالطائف فصلى عليه ابن الحنفية فجاء طائر أبيض فدخل في أكفانه فما خرج منها فلما سوى عليه التراب قال ابن الحنفية مات والله اليوم حبر هذه الأمة وأخرج يعقوب بن سفيان من طريق عبدالله بن يامين أخبرني أبي أنه لما مر بجنازة عبدالله بن عباس جاء طائر أبيض يقال له الغرنوق فدخل في النعش فلم ير بعد وأخرج ابن سعد من طريق يعلى بن عطاء عن بجير بن عبدالله قال لما خرج نعش ابن عباس جاء طائر أبيض عظيم من قبل وج حتى خالط أكفانه فلم يدر أين ذهب فكانوا يرون أنه علمه ، فلما دفن تليت هذه الآية يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك إلى آخر السورة وفي وفاته أقوال سنة خمس وستين وقيل سبع وقيل ثمان وهو الصحيح في قول الجمهور وقال المدائني عن حفص بن ميمون عن أبيه توفي عبدالله بن عباس في الطائف فجاء طائر أبيض فدخل بين النعش والسرير فلما وضع في قبره سمعنا تاليا يتلو يا أيتها النفس المطمئنة الآية واتفقوا على أنه مات بالطائف سنة ثمان وستين واختلفوا في سنه فقيل ابن إحدى وسبعين وقيل ابن اثنتين وقيل ابن أربع والأول هو الأقوى.‏

( 10 ) عبد الله بن جعفر بن أبي طالب :

قال إبن حجر العسقلاني في الاصابة في تمييز الصحابة : عبدالله بن جعفر بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم الهاشمي أبو محمد وأبو جعفر وهي أشهر وحكى المرزباني أنه كان يكنى أبا هاشم أمه أسماء بنت عميس الخثعمية أخت ميمونة بنت الحارث لأمها ولد بأرض الحبشة لما هاجر أبواه إليها وهو أول من ولد بها من المسلمين وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه وعن أبويه وعمه علي وأبو بكر وعثمان وعمار بن ياسر روى عنه بنوه إسماعيل وإسحاق ومعاوية وأبو جعفر الباقر والقاسم بن محمد وعروة والشعبي وآخرون قال محمد بن عائذ حدثنا محمد بن شعيب حدثنا عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن بن عباس خرج جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة ومعه امرأته أسماء بنت عميس فولدت له بأرض الحبشة عبدالله ومحمدا وقال مصعب ولد للنجاشي ولد فسماه عبدالله فأرضعته أسماء حتى فطمته ولما توجه جعفر في السفينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم حمل امرأته أسماء وأولاده منها عبدالله ومحمدا وعونا حتى قدموا المدينة وقال بن جريج أنبأنا جعفر بن خالد بن سارة أن أباه أخبره عن عبدالله بن جعفر قال مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسي وقال اللهم اخلف جعفرا في ولده وقال كنا نلعب فمر بنا على دابة فحملني أمامه أخرجه أحمد وغيره بسند قوي وسيأتي في ترجمة عبيدالله بن العباس ومن طريق محمد بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد عن عبدالله بن جعفر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثة فذكر الحديث بطوله في قصة مؤتة وقتل جعفر وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما عبدالله فيشبه خلقي وخلقي ثم أخذ بيدي فقال اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبدالله في صفقة يمينه قالها ثلاث مرات وفيه وأنا وليهم في الدنيا والآخرة وقال البغوي حدثنا القواريري حدثنا عبدالله بن داود عن فطر بن خليفة عن أبيه عن عمرو بن حريث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر ب عبدالله بن جعفر وهو يبيع مع الصبيان فقال اللهم بارك له في بيعه أو صفقته وروى مسلم من طريق الحسن بن سعد عن عبدالله بن جعفر قال أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه ذات يوم فأسر إلى حديثا لا أحدث به أحدا من الناس الحديث قال الزبير بن بكار عن عمه ولدت أسماء لجعفر بالحبشة عبدالله ومحمدا وعونا وقال بن حبان كان يقال له قطب السخاء وكان له عند موت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين وقال يعقوب بن سفيان كان أحد أمراء علي يوم صفين انتهى وقد تزوج أمه أبو بكر الصديق فكان محمد أخاه لأمه ثم تزوجها علي فولدت له يحيى وأخباره في الكرم كثيرة شهيرة مات سنة ثمانين عام الجحاف وهو سيل كان ببطن مكة جحف الحاج وذهب بالإبل وعليها الحمولة وصلى عليه أبان بن عثمان وهو أمير المدينة حينئذ لعبدالملك بن مروان هذا هو المشهور وقال الواقدي مات سنة تسعين وكان له يوم مات تسعون سنة كذا رأيته في ذيل الذيل لأبي جعفر الطبري وقال المدائني مات عبدالله بن جعفر سنة أربع أو خمس وثمانين وهو بن ثمانين قلت وهو غلط أيضا وقال خليفة مات سنة اثنتين وقيل سنة أربع وثمانين وقال بن البرقي ومصعب في سنة سبع وثمانين فهذا يمكن أن يصح معه قول الواقدي إنه مات وله تسعون سنة فيكون مولده قبل الهجرة بثلاث وقد أخرج البغوي من طريق هشام عن عروة عن أبيه أن عبدالله بن جعفر وعبدالله بن الزبير بايعا النبي صلى الله عليه وسلم وهما ابنا سبع سنين والصحيح أن بن الزبير ولد عام الهجرة وأخرج بن أبي الدنيا والخرائطي بسند حسن إلى محمد بن سيرين أن دهقانا من أهل السواد كلم بن جعفر في أن يكلم عليا في حاجة فكلمه فيها فقضاها فبعث إليه الدهقان أربعين ألفا فقالوا أرسل بها الدهقان فردها وقال إنا لا نبيع معروفا وأخرج الدارقطني في الأفراد من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين قال جلب رجل من التجار سكرا إلى المدينة فكسد عليه فبلغ عبدالله بن جعفر فأمر قهرمانه أن يشتريه وينهبه الناس وأخرج الطبري والبيهقي في الشعب من طريق بن إسحاق المالكي قال وجه يزيد بن معاوية إلى عبدالله بن معاوية إلى عبدالله بن جعفر مالا جليلا هدية ففرقه في أهل المدينة ولم يدخل منزله منه شيئا وفي ذلك يقول عبيدالله بن قيس الرقيات
وما كنت إلا كالأغر بن جعفر * رأى المال لا يبقي فأبقى له ذكرا
وقال أبو زرعة الدمشقي حدثنا محمد بن أبي أسامة عن ضمرة عن علي بن أبي حملة قال وفد عبدالله بن جعفر على يزيد بن معاوية فأمر له بألفي درهم وقال بن أبي الدنيا حدثني بن أخي الأصمعي حدثنا عمي حدثني خلف الأحمر قال قال الشماخ بن ضرار يمدح عبدالله بن جعفر
إنك يا بن جعفر نعم الفتى * ونعم مأوى طارق إذا أتى
ورب ضيف طرق الحي سرى * صادف زادا وحديثا ما اشتهى‏



المقامات التي وقعت في بني هاشم :

( 1 ) مقام النبوة العظمى ، لسيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
( 2 ) مقام المنزلة الهارونية : لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه ليس نبي بعدي ) رواه البخاري
( 2 ) مقام المهدي المنتظر : لرجل من أولاد فاطمة رضى الله عنها ويقال إسمه محمد بن عبد الله ، وقد صحح الامام السيوطي الحديث الذي رواه أبوداؤد والحاكم وابن ماجه عن السيدة أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المهدي من عترتي، من ولد فاطمة
( 3 ) مقام الهادي من بني هاشم : يقال هو النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقال هو سيدنا علي كرم الله وجهه
( 4 ) مقام أسد الله ورسوله : لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
( 5 ) مقام سيد الشهداء : لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
( 5 ) مقام سادة شباب أهل الجنة : للحسن والحسين أبناء على الكرار رضي الله عنهم أجمعين
( 7 ) مقام سيدة نساء أهل الجنة : روى الامام البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم ( فاطمة سيدة نساء أهل الجنة )
( 8 ) مقام الطيران في الجنة : روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: كان إذا سلم على ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين.
( 9 ) مقام مشابهة الخلقة والأخلاق النبوية : لجعفر الطيار ، فقد روى الامام البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( أشبهت خلقى وخلقي )
( 10 ) مقام محبة الله ورسوله : للحسن والحسين ، فقد روى الامام البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذه والحسن ويقول: ( اللهم إني أحبهما، فأحبهما ).
( 11 ) مقام المحب المحبوب : لعلي بن ابي طالب : فقد روى الامام البخاري عن ابن سعد، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: ( لأعطين الراية غدا رجلا يفتح على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ).
( 12 ) مقام علم الكتاب والحكمة : لعبد الله بن عباس رضى الله عنه ، فقد روى الامام البخاري عن ابن عباس قال: ضمني النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال: (اللهم علمه الحكمة. وفي رواية أخرى للبخاري عن عبد الوارث: وقال: ( علمه الكتاب ) .
( 13 ) مقام رؤية جبريل عليه السلام : لسيدنا عبد الله بن عباس ، وقد رأى ابن عباس جبريل عليه السلام مرتين ، ولذلك عمي بصره في آخر حياته .

الخاتمة :

روى السيوطي في تفسيره الدر المنثور ما أخرجه ابن الزبير بن بكار في الموقفيات عن ابن عباس أن معاوية قال: يا بني هاشم إنكم تريدون أن تستحقوا الخلافة كما استحقيتم النبوة، ولا يجتمعان لأحد، وتزعمون أن لكم ملكا. فقال له ابن عباس: أما قولك أنا نستحق الخلافة بالنبوة، فإن لم نستحقها بالنبوة فبم نستحقها؟! وأما قولك أن النبوة والخلافة لا يجتمعان لأحد فأين قول الله {فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما}؟ فالكتاب النبوة، والحكمة السنة، والملك الخلافة، نحن آل إبراهيم أمر الله فينا وفيهم واحد، والسنة لنا ولهم جارية، وأما قولك زعمنا أن لنا ملكا فالزعم في كتاب الله شك، وكل يشهد أن لنا ملكا لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين، ولا شهرا إلا ملكنا شهرين، ولا حولا إلا ملكنا حولين .
وروى إبن كثير في البداية والنهاية : وروى الحاكم، والبيهقي من حديث محمد بن ذكوان - خال ولد حماد بن زيد - عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر قال: إنا لقعود بفناء النبي صلى الله عليه وسلم، إذ مرت به امرأة فقال بعض القوم: هذه ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو سفيان: مثل محمد في بني هاشم مثل الريحانة في وسط النتن، فانطلقت المرأة فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب فقال:
ما بال أقوام تبلغني عن أقوام، إن الله خلق السماوات سبعاً فاختار العلياء منها فأسكنها من شاء من خلقه، ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشاً، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا خيار من خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم .
وروى الامام السيوطي عن الحاكم في الكنى وعن ابن عساكر : عن السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال جبريل: قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد رجلا أفضل من محمد، وقلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد بني أب أفضل من بني هاشم .

مراجع البحث :
( 1 ) سيرة إبن هشام
( 2 ) البداية والنهاية لإبن كثير
( 3 ) صحيح الامام البخاري
( 4 ) صحيح الامام مسلم
( 5 ) العقيدة الواسطية للإمام إبن تيمية
( 6 ) نيل الأوطار للإمام الشوكاني
( 7 ) تفسير الامام الطبري
( 8 ) تفسير الامام القرطبي
( 9 ) تفسير الامام السيوطي
( 10 ) الاصابة في تمييز الصحابة لإبن حجر العسقلاني
( 11 ) مجمع الزوائد للإمام الحافظ الهيثمي
( 12 ) معجم الطبراني الكبير
( 13 ) تاريخ الخلفاء للسيوطي